ذكرياتي مع السيد الهاشمي

– 1 –
آلمني وصول نبا وفاة العالم الكبير اية الله العظمى السيدمحمود الهاشمي (الشاهرودي) مساء يوم الاثنين 16 ربيع الثاني 1440 هـ (24 /12 /2018 ) بعد صراع مرير مع المرضالعضال الذي اشتدت وطأته عليه ولم يتركه حتى فارقالحياة .
– 2 –
عاش السيد الهاشمي اليتم في صغره، فقد رحل ابوه عنهذا الكوكب في وقت كانت الأنظار مشددة اليه ليكون فيالمستقبل واحداً من المراجع الكبار في الحوزة العلمية فيالنجف الأشرف، وتولاه بالرعاية عمَّهُ المرحوم السيد حسينالهاشمي – وهو من تجّار بغداد – .
– 3 –
ولم يستمر طويلا في دراسته في المدارس الرسمية فاتجهالى طلب العلم في الحوزة العلمية في النجف وبالفعلباشر مهماته العلمية واستطاع ان يطوي المراحل الدراسيةبتفوق
– 4 –
الا أنَّ شهرته بين العلماء لم تبرز الا من خلال دراسته عندالامام الشهيد ايه الله العظمي السيد محمد باقر الصدررضوان الله عليه، فقد كان الرجل الثاني في مدرسته بعدالسيد كاظم الحائري الذي كان كبير تلامذة الامام الشهيدالصدر .
– 5 –
وبعد هجرة السيد الحائري في أوائل السبعينات من النجف ،أصبح المرحوم السيد الهاشمي ابرز تلامذة الامام الشهيدالصدر وأكثرهم قربا منه .
– 6 –
وقد عظم في عين السيد الصدر كثيرا حين بلغه انه عانىمرارة التعذيب الشديد وابى ان يسجل على نفسه اعترافاكانت السلطات القمعية تريد انتزاعه منه بطرقها الوحشيةالمعروفة حيث كانوا يريدونه ان يعترف بان السيد الصدر هورئيس حزب الدعوة الإسلامية ليتم الاجهاز عليه في هذهالتهمة .
– 7 –
وفي السبعينات من القرن الماضي اصدر السيد الهاشميكتابه (تعارض الأدلة) وفي الحقيقة لم يكن الكتاب الا صورةباهرة لما يملكه الامام الشهيد الصدر من عبقرية ونبوغ فيعلم الأصول .
وأذكُر انّي قلت للمرحوم العلامة الشيخ محمد جواد مغنيةانّ الكتاب هو للخاصة فقال بل لخاصة الخاصة ..!!
– 8 –
وحين صدر الكتاب المذكور قرضته بقصيدة نشرت كاملة فيديواننا المطبوع في مصر (لقاء على ضفة الشعر) وجاء فيها
جهودك يا محمود خلدها الدهرُ
وبارَكَ ابداعاتِ منهجِكَ الفِكْرُ
فيا بن (عليٍ) والمآثر جَمّةٌ
وقد ضاق عن تبيانها العدُّ والحصرُ
…..
وليس عجبا أنْ نراك مُحلّقا
فاستاذُك العملاقُ سيدُنا الصدرُ
وما الصدر الا أمة في علومه
فدعني فَمَنْ (زيد) هناك ومن (عمروُ)
اليه انتهْت أعباءُ دينِ محمدٍ
وبالصدرِ عَنْ شرِع الهُدى يُدفع الضُرُّ
اذا خَطَّ سطراً كان فصلاً مُخلّداً
وفيِ كلِّ قلبٍ خُطَّ مِنْ حُبِّه سَطْرُ
– 9 –
وفي نهاية السبعينيات من القرن الماضي كانت الدلائل تشير الى ان الدكتاتورية الغاشمة ماضية في طريق المواجهة الساخنة مع المرجعية الصالحة الرشيدة متمثلة بالامام الشهيد الصدر، لتنتهي باغتياله وحرمان الامة كلها – لا العراق وحده – من بركات تلك القيمة الحضارية الكبرى.
وهنا أوعز السيد الصدر الى تلميذه الهاشمي بمغادرة العراق والتوجه الى (ايران) ليكون الممثل له هناك .
وفي جلسة الوداع ، يقول السيد محمود – ناولني الامام الصدر (ظرفاً) كان يحتوي على رسالة مهمة وشهادةً أهم :
أما الرسالة فقد كانت تشير الى أنَّ السيد الهاشمي هو الوكيل المطلق للامام الصدر ، وانّ على وكلائه في مختلف دول العالم الرجوع الى السيد الهاشمي وتسليمه ما يجتمع لديهم من الحقوق الشرعية …
وأما الشهادة الأهم :
فهي الاجازة الخطية والتصريح بالاجتهاد المطلق للسيد محمود وذلك مالم يكن السيد الهاشمي قد طلبه من الامام الصدر .
-10-
وكان السيد الهاشمي يتحرج من الاخبار عن تلك الاجازة وهذا ما قام به كاتب السطور للعلاقة الوثيقة بينهما
وانتُخِب السيد الهاشمي رئيساً للمجلس الأعلى عام 1982 واستمر ذلك لعدة دورات .. وكانت الرئاسة سرّية غير أنها أصبحت علنية بعد ذلك وتم التصريح باسم السيد الهاشمي رئيسا للمجلس ثم آلت الرئاسة الى المرحوم الشهيد آية الله السيد محمد باقر الحكيم .
ولما كانت المهمات العلمية بما فيها الأبحاث العالية في الفقه واصوله وما يسمّى في الحوزات العلمية (بالبحث الخارج)تحتاج الى التفرغ لها، بدأ السيد الهاشمي عمليا بالتركيز على أوضاعه العلمية في قم، وتَرَكَ حضور جلسات المجلس الاعلى في طهران، حتى تم له في النهاية ما أراد حيث انقطعت الصلة الرسمية بالمجلس .
-11-
توّلى السيد الهاشمي رئاسة السلطة القضائية لدورتين (اي لمدة عشر سنوات) ..
ولولا ذلك لكان بمقدوره أنْ يخطو بمرجعيته الدينية خطوات كبرى .
فالعرف الحوزوي لا يرتاح الى تسنم المراجع مناصب رسميّة .
-12-
ثم اختير رئيسا لمجمع تشخيص مصلحة النظام، خلفا للمرحوم الشيخ رفسنجاني .
حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة