مبادرة وزارية لاستبدال الطاقة الإيرانية بواردات من دول مجاورة
الصباح الجديد – وكالات:
يسعى العراق، أحد أكثر الدول حراً في العالم، إلى إجراء إصلاحات طال انتظارها، بحسب ما تقول مصادر لوكالة «فرانس برس».
ومع تشكيل حكومة جديدة، تدرس وزارة الكهرباء خيارات عدة، تشمل ترميم محطات وخطوط لتقليص الهدر، واستيراد الطاقة من دول أخرى، كما وتحسين عملية الجباية لتعزيز الإيرادات.
وتأمل بغداد حسبما اوردته وكالة فرانس بريس في توفير كمية الميغاواط الكافية لتغطية الاحتياجات بحلول الصيف، حين يتأثر الملايين بانقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 20 ساعة يومياً. لكن ذلك لا يعني أن الوقت مفتوح، فهناك موعد نهائي قبل تأزم الأمور. فلحماية قطاع الكهرباء لديه، حصل العراق على إعفاء لمدة 45 يوماً من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة في تشرين الثاني (نوفمبر) على إيران في ملف برنامجها النووي، وتم تمديد هذه المدة 90 يوماً.
ويستورد العراق ما يصل إلى 28 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي من طهران لمصانعه، كما يشتري بشكل مباشر 1300 ميغاواط من الكهرباء الإيرانية. وحددت وزارة الكهرباء خطة للاستقلال عن الكهرباء الإيرانية خلال 18 شهراً، وحل بعض المشكلات المتراكمة منذ عقد.
وقال الناطق باسم وزارة الكهرباء «خلال أسبوعين، سنقدم خطتنا إلى الأميركيين، مدتها خمس سنوات وسيتم تقييمها سنوياً من الجانب الأميركي». ويعوم العراق على 153 بليون برميل من احتياطات النفط الخام، لكنه يحتاج إلى غاز ووقود أعلى جودة لتشغيل معامل الطاقة.
ويقر الناطق أن في حال يمكن للعراق الاستغناء عن الكهرباء الإيرانية، فهو يحتاج إلى غاز طهران إلى حين امتلاك القدرة على استخراج غازه أو استثمار الغاز المحروق خلال استخراج النفط. وباستخدام وقوده إلى جانب الغاز الإيراني، يمكن للعراق أن ينتج نحو 16 ألف ميغاواط من الكهرباء. وهذا أقل بكثير من الحاجة، التي تبدأ بنحو 24 ألف ميغاواط، وتصل إلى 30 ألفاً في الصيف، مع وصول الحرارة إلى 50 درجة مئوية.
ومعظم هذا النقص تقني، إذ أن العراق حين ينقل الطاقة، يضيع ما بين 30 إلى 50 في المئة منها في البنية التحتية الضعيفة، بحسب معهد الطاقة العراقي ، ذلك أن بعضها مر عليها الزمن، ولكن هناك خطوطاً وأنابيب ومحطات تعرضت أيضاً لهجمات من تنظيم «داعش» الذي دحرته القوات الأمنية العراقية نهاية عام 2017. وإعادة تأهيل تلك البنية التحتية، أمر أساسي في خطة وزارة الكهرباء.
ويشير الناطق إلى مذكرتي التفاهم اللتين وقعتهما الوزارة مع سيمنز بقيمة 10 بلايين دولار، و»جنرال إلكتريك» بقيمة 15 بليون دولار لتحسين البنية التحتية. ويمكن لذلك أن يضيف ما يصل إلى 24 ألف ميغاواط خلال خمس سنوات، «ويمكن أن نصل بذلك إلى 40 ألف ميغاواط»، بحسب المدرس.
وطلب وزير الكهرباء الجديد لؤي الخطيب من شركتي «سيمنز» و»جنرال إلكتريك» خطط «مسار سريع» لتعزيز توليد الطاقة بحلول الصيف. ولذلك، تبحث بغداد عن طرق لتمويل تلك الجهود، منها صفقة تمويل بقيمة 600 مليون دولار بين «جنرال إلكتريك» و»مصرف التجارة العراقي» و»ستاندرد تشارترد» التي أعلن عنها نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
ويلفت الناطق باسم الوزارة إلى مبادرة وزارية أخرى، تتضمن استبدال الطاقة الإيرانية بواردات من دول مجاورة أخرى، بما في ذلك 300 ميغاواط من كل من تركيا والأردن والكويت، إضافة إلى الطاقة الشمسية السعودية. وفي بصيص أمل على إمكان نجاح الخطة، جال الرئيس العراقي برهم صالح على عمان والكويت والرياض، في أول جولة إقليمية منذ انتخابه ، وإضافة إلى ذلك، تسعى بغداد إلى استرداد الأموال التي خسرتها جراء خدمة الجباية الضعيفة للوزارة. ويقول الناطق «لدينا ضائعات وصلت إلى 60 في المئة، إذا قمنا بتخفيض هذه الضائعات، سنستغني عن الخطوط الإيرانية».
وبدأ العراق العام الماضي عملية خصخصة عن طريق التعاقد مع شركات تقدم خدمة الجباية لضمان تحصيل فواتير الكهرباء. ويقول الموظف في قسم التوزيع في وزارة الكهرباء سمير حسين إن عملية خصخصة الجباية خفضت فعلاً انقطاع الكهرباء في بغداد. ويضيف: «الذين يدفعون، يخفضون استخدامهم إلى النصف، الأمر الذي يسمح لي بإعادة توجيه الميغاواطات إلى الأحياء الأخرى، وتجنب عمليات القطع». لكن لا تزال هناك عقبات، بما في ذلك فواتير متأخرة لإيران عن واردات سابقة.
ويظهر مشروع موازنة 2019 أن العراق خصص نحو 800 مليون دولار «لمبلغ متأخرات الغاز الإيراني» ونحو 350 مليون دولار للدفع النقدي بدل الكهرباء الإيرانية، بحسب معهد الطاقة العراقي. ويقول خبير الطاقة هاري استبانيان إن هناك مشكلة أخرى، وهي أن وزارة الكهرباء العراقية متخمة. ويشير مثلا إلى أن الكويت المجاورة تولد الكمية كهرباء مماثلة للعراق، لكن وزارتها توظف 12 ألفاً مقارنة بـ140 ألفاً في العراق. وتتهم الوزارة أيضاً بالفساد على نطاق واسع، ولذلك تعهد الخطيب بالتحقيق في الأمر.