سعادتنا بإنسانيتنا

لا يوجد أحد على وجه البسيطة لا تدخل السعادة ضمن أحلامه وغاياته، وتطلعاته، بشتى العصور والازمان. وكل منا حدد افق سعادته، فبدأ بغزل خيوط حلمه لينسج غايته، ويجسدها امامه، لكن ليس كلنا نصل الى حلمنا المنشود.
ما الذي يجعل البعض منا قادرا على تحقيق سعادته ولو نسبيا، فيما يفشل بعضنا الاخر بالوصول الى غايته؟
لأننا نسير نحو وجهتنا من دون ان نفكر بما حولها من تفاصيل، وعثرات قد تصادفنا في طريقنا نحو مقصدنا.
هناك الكثير من الأمور التي علينا ان نتنبه اليها برحلتنا تلك، بداية علينا ان نجلس الى أنفسنا ونكتب على ورقة نختارها من بين مئات الأوراق في ذاكرتنا، تلطخت بحبر أيام فوضوية، اختلطت بها احلامنا مع كوابيسنا، وتهنا عن مرادنا.
هناك مثل عربي يقول: المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، فما بالك بمن يُلدغ عشرات المرات ولا يتعلم؟ قرارات كثيرة علينا تدوينها، أولها واهمها ان لا نحزن للسبب نفسه مرتين او أكثر، فما آلمنا يوما، كان نتيجة أسباب عدة او سبب واحد، لذا فعلينا الا نكتفي بندب الحظ، بل نتعلم من الحدث او الموقف.
آمنت بأن صباح كل يوم يجب ان يكون بداية جديدة، لحلم جديد، وان تحولت كل احلامي السابقة الى كوابيس، فلن اتنازل عن حقي بحلم اخر، وحقي بأن اسعى لتحقيقه، وان ابحث عن سعادتي حتى وسط اكوام من الاحزان.
تعودت ان احمل اخي على سبعين محملا، واعطيه فرصة تلو الأخرى، لكني تعلمت فيما بعد ان الفرصة لا تعطى أكثر من مرتين، فان خانها ولم يستثمرها، فالأجدى ان نغلق الباب امامه، لان أمثال هؤلاء سبب لتعاسة الكثير منا.
السعادة ثقافة، وترويض للنفس، فهي تنبع من داخلنا لتمنح الاخرين جمالا وعذوبة نحن مصدرها.
كتبت وعدا لنفسي ان أحبها واحترمها وأسعى لإسعادها، قد يتفاجأ البعض من هذا الوعد، فليس بيننا من لا يحب نفسه ويحترمها، لكن هل فعلا نحن كذلك؟ هل نترجم تلك المحبة وهذا الاحترام، ام هو وهم، شأنه شأن الكثير من الأوهام التي عشنا بها وتعايشنا معها، حتى اختلطت الصورة بأذهاننا وبتنا لا نميز بين الحقيقة والسراب.
ان أحب نفسي فذلك يعني ان لا اهينها بالتنازل عن حق من حقوقي، ولا اتنازل عن كرامتي امام أحد، حتى من احبه، فانا لا أؤمن بكذبة ان الحب لا يعرف الكرامة، بل أؤمن ان الحب يخلق داخلنا الكرامة والاعتزاز بالنفس. وهنا، يكمن أحد اهم اسرار السعادة.
السعادة تختصر بإنسانيتنا التي تنازلنا عن جزء منها امام قبح الاحداث، انسانيتنا تعني ان نعيش بسلام ومحبة مع محيطنا الحي والجماد، ان نحترمه، ونقدر كل تفاصيله، ونفهم ان لكل تفصيلة حكاية خلق وحب، فسلاما لمن يسعى لسعادته بالسير في طريق الإنسانية الحقة.
أحلام يوسف

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة