مؤتمر السرد بدورته الثالثة ( الحياة بوصفها سردا )
فهد الصكر
أنطلقت في بغداد وعلى قاعة « زها حديد « في الأتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق يوم 22 ت2 2018 فعاليات مؤتمر السرد – الدورة الثالثة – دورة السارد الخالد ( سعد محمد رحيم ) بعنوانه الموسوم « الحياة بوصفها سردا ، بمشاركة طيف كبير من الأدباء والمثقفين والأكاديمين ، وهم يمثلون غالبية جغرافية العراق ، والمؤتمر يمثل المسؤولية الثقافية التي يشتغل عليها المركز العام من أجل التلاقح المعرفي والفكري بين الأدباء ، وفتح قنوات ومفاهيم جديدة لموضوعة السرد بوصفها حياة .
ويشمل المؤتمر عدة محاور في السرد « الحكاية الشعبية ، بغداد قديما ، شعرية الذاكرة ، وجماليات الموروث الثقافي في المسرح العراقي « وأشكاليات سردية تبحث عن أجوبة سيجيب عنها المؤتمر .
قدم جلسة الأفتتاح الناقد علي حسن الفواز بقوله : يواصل الأتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق برنامجه الثقافي ، عبر جلسات وملتقيات ومؤتمرات تؤكد التوجه العلمي والمعرفي للأتحاد ، وما مؤتمر السرد الذي يعقد اليوم تحت عنوان ( الحياة بوصفها سردا ) ألا تأكيدا على تواصل هذه المسؤوليات الثقافية ومشاركة الطيف الثقافي العراقي من مختلف المحافظات في رفد جلساته واغناء محاوره ، كما ان أختيار هذا المؤتمر للسارد الخالد سعد محمد رحيم عنوانا له ما هو الا وفاء والتزام بضرورة الاحتفاء بالرموز الثقافية التي شكل منجزها حضورا لامعا بالتاريخ ، وفي المشهد وفي السيرة ، كما ان محاور هذا المؤتمر تنطوي على جدة وتوسع ومشاركة واسعة من المثقفين والأكادميين ، هي صورة زاهية تجسد التلاقح المعرفي والبحثي لاغناء ثقافتنا السردية ، وهي اضاءة كثيرة لملفات تتعلق بالحكاية والسيرة والتاريخ والذاكرة ، فضلا عن الاحتفاء بشهادات لروائيين من اجيال مختلفة شكلت تجاربهم علامات مضيئة في تاريخ منجزنا الروائي .
كلمة باسم عائلة السارد سعد محمد رحيم
كلمة عائلة السارد سعد محمد رحيم ، القاها أبنه البكر سرمد : نشكر الأتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق على مبادرته بتسمية الدورة الثالثة لمؤتمر السرد بأسم والدي الراحل « سعد محمد رحيم « ، ونبارك لهم اقامة المؤتمر ، كذلك رعايتهم بطباعة اخر أعماله الروائية التي تركها مخطوطة بعد رحيله « القطار الى منزل هانا « رغم أنها تفتقد الى الحلقة الأخيرة منها ، أي إن نهايتها أصبحت مفتوحة للمتلقي بسبب رحيله ،نحن كعائلة نشعر بان هذا الاحتفاء يشكل واحدة من أجمل محطات وسيرة والدي بصدق محبة الأدباء والمثقفين له .
كلمة الروائي حسن البحار
رئيس نادي السرد
الحضورُ الكريمُ تحياتي لكم جميعًا وأكثرُ احترامي..
في وقتٍ تكاثرت فيه زوابعُ الأيامِ وباتَ العالمُ يعبرُ بعضُهُ على أشلاءِ بعضٍ، ينتصرُ العراقُ ويُعلم العالم معنى الانتصارِ، يأتي اتحادنُا الكبيرُ (اتحادُ أدباءِ وكتّابِ العراق) ليؤكدَ في هذا المؤتمرِ -مؤتمرِ السردِ الثالث دورة خالدِ الذكرِ الروائي سعد محمد رحيم -أنَّ للأدبِ والأدباءِ طاقةُ تجددٍ تساعد الأرواح على الاستمرار، وتضيءُ ما يمكن له أن يُعيد للحياةِ ألقَهَا قبلَ تسيّدِ الظلام.
أيها الحضور الكريم/ لقد تطورت الكتابةُ السرديةُ خلالَ القرنِ الماضي مع تطورِ الحياةِ تطورًا ملحوظًا واستقطبت اهتمامَ القراءِ والنقادِ على مستوى الموضوعاتِ التي عالجتَها والتقنياتِ والأساليبِ التي وظفَتْها في التعبيرِ عن الإبداعِ واختلافاتِ التلقي. ونظرًا لارتباطِها الوثيقِ بنبضِ الإيقاعِ الداخليّ للحياةِ في أبسطِ صوَرِها وأعقدِ تجلياتِها، حققت أجناسُ السردِ بأنواعِها انفتاحًا عميقًا على معاناةِ الإنسانِ ومكابداتِهِ وتطلعاتِهِ. كذا ملاحقةِ تحولاتِ المجتمعِ الحديثِ ومواكبةِ صيرورتِه وهمسِ الشارعِ وفوضاه وقلقِهِ العارمِ ومختلفِ أحاسيسِهِ وطموحاتِهِ. لم يكن من الممكنِ للسردِ التفردُ بهذهِ السماتِ لولا جماليتُه التعبيريةُ وأساليبهُ الفنيةُ التي ظلت تتطورُ مع الانفتاحِ على التقنياتِ الحديثةِ التي يستخدمُها المبدعُ، لهذا نجدُ الكتابةَ المعادلَ الفنيَّ الذي يواكبُ متغيراتِ الواقعِ الحياتيِّ وتناقضاتِها وما ينورُ عالَمَنا من تحولاتٍ في مختلفِ الميادينِ، السردياتُ بأنواعِها المستقلةِ والمتجاورةِ (الروايةِ والسيرةِ والقصةِ والرحلةِ…) تعملُ على رصدِ اوجهٍ مضيئةٍ وأخرى معتمةٍ في الواقعِ الاجتماعيِّ وكذا تُسلطُ الضوءَ على نبوءاتِ المستقبلِ من منطلقِ أفاقِ الفنِ الواسعةِ وتُعري التناقضات وتحذرُ من مخاوفٍ يصدرُ عنها المثقفون بواسطةِ السردِ من خلالِ رموزِهِ. السردُ قلقٌ يتطلعُ إلى التغير، الحياةُ متغيراتٌ والكتابةٌ كائنٌ داخلُ العالمِ، المرءُ المنشغلُ المتبصّرُ يُؤخذ على أنّهُ متصوّر، والمرءُ المنغلقُ ليس سوى حرمَانٌ، نوعٌ من البحثِ عن العللِ والأسبابِ داخلَ الاحداثِ النفسيةِ والأهواءِ الإنسانيةِ، الفكرُ في البحثِ وضاديةِ الاحداثِ والأهواءِ الاجتماعيةِ يوفر لنا رسمًا واضحًا يدفعُ التعايشَ السلميَّ إلى الأمامِ في الأساليبِ والوظائفِ والرؤى التي شاعت بها الكتاباتُ الادبيّةُ الحديثةُ الطامحةُ إلى حركةِ التحوّلِ نحو الأفضل ونحو التجددِ والابتكارِ. علينا غرسُ الأملَ في روحِ المجتمعِ واعادةُ الاحساسِ بالانتماءِ في قضيةِ البحثِ والاستكشافِ التي برهنتْ على أن التواصلَ الإنسانيَّ يمكنُ منهُ العثور على الانسجام السلمي بين المجتمعات داخلَ العالمِ ليكونَ العيشُ أفضلَ في هذه الحياة. ومن هذه المنطلقاتِ وتحت شعار الحياة بوصفهِا سردًا عقدَ اتحادنُا الكبير -الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق – مؤتمر السرد بدورته الثالثة دورة خالد الذكر الروائي سعد محمد رحيم، ولم يكن هذا المؤتمر الثالث وليدَ صدفة أو فكرة مرتجلة هو مجموعةُ أفكارٍ ورؤى وتحضيراتٍ ومناقشاتٍ وتداولاتٍ كثيرةٍ، ولا يمكن لي بهذا الموقف إلّا أن اقولَ شكراً اتحادنُا الكبير اتحادُ ادباء وكتّاب العراق، شكرًا لكل من ساهم ومن يساهم من بعيدٍ أو قريب، شكرًا لأدباء وأديبات العراق. أيها الحضور الكريم شكرًا لكم جميعًا والسلام..
علي حسن الفواز: المؤتمر مسؤولية ثقافية تؤكد التوجه العلمي والمعرفي للأتحاد
وأشار الناقد علي الفواز الى ان هناك ورقتان نقديتان عن السارد سعد محمد رحيم ، سيقدمهما الناقد « د . سامان جليل إبراهيم والناقد محمد جبير «
الناقد د . سامان جليل إبراهيم : ( تموهات الصوت الأنثوي وبنية الخطاب الذكوري ) : تسعى هذه الورقة النقدية الى قراءة رواية « ظلال جسد .. ضفاف الرغبة « لسعد محمد رحيم بطبعتها الحائزة على جائزة كتارا للرواية العربية 2016 فئة الروايات غير المنشورة ، من منظور تجليات النقد الثقافي في النص السردي وما يختزله النص من أنساق ثقافية مضمرة خلف معطف البلاغة ومظاهر القيم الجمالية من أنساق تقع تحت قشرة النص نفسه .
وما سنحاول دراسته هنا هو الأنثى وكيفية حضور صوتها بين التموه والاظهار في النص لا سيما ان الرواية متخذة من موضوعة الأنثى – رواء العطار – اللعوب مركزا بنائيا تتمحور حوله التجربة السردية كلها لتنضوي تحت لائحة الرواية ، معتمدا اياها صورة مركزية في هدم المرتكزات الذكورية وضعفها وتشتيت البؤرة الثقافية المتمثلة بالعادات والتقاليد ، هذا فضلا عن الشخصيات الذكورية التي تؤسس معها قدرا من الجدل في البنية السردية ضمن الفضاء الروائي للرواية .
الناقد محمد جبير قرأ ورقته النقدية « الرواية الاستقصائية .. تأصيل المصطلع وتطبيقاته ..سعد محمد رحيم « : تنطلق هذه الدراسة من النص والى النص بوصفه مركز إشعاع إبداعي وباثا لكل المفاهيم والنظريات السردية والاتصالية والجمالية ، وكانت تجربة القراءة مع سرديات سعد محمد رحيم لا سيما في أعماله الروائية « غسق الكراكي ، ترنيمة امرأة ، شفق البحر ، مقتل بائع الكتب « تجربة ممتعة لا تضاهيها متعة سوى الكتابة عن تجربة القراءة والانهماك في أكتشاف سر الصنعة الابداعية في خلق وتكوين تلك النصوص لتكون موجودات مادية قابلة للاقتناء بعد ان كانت مجرد خيالات في فضاء ذاكرة انسان ، وأضاف تلقي تلك النصوص طاقة روحية إيجابية تواصلت وتفاعلت مع التجارب الانسانية التي حفلت بها تلك النصوص ، فقد كانت عالما متكاملا قفز من التخيلي الى الواقعي ، وكان النص أشبه بكائن حي ، يولد وينمو ويكبر مع القراء ة الفاعلة المتجددة .
القطار الى منزل هانا بأيدي الحضور
وعقب تقديم الأوراق النقدية تم توزيع رواية المحتفى به « القطار الى منزل هانا « .
لتبدأ بعد ذلك الجلسة البحثية الأولى « السرد العراقي وتمثلات الذاكرة الشعبية « ، بأدارة د . جاسم الخالدي رئيسا ، والناقد علي شبيب ورد مقررا .
وشارك فيها الناقد د . علي حداد ببحثه « السرد العراقي والحكاية الشعبية « : ما أقدمه ليس بحثا عن موتيفات الأشتغال الحكائي الشعبي في الرواية ، والرواية العراقية ، ولكنها مسعى للأجابة عن سؤال أجترحناه – هل يمكن للرواية المكتوبة من قبل « مؤلف « بعينه ان تستحيل فاعلية تمثل شعبي ، يخرج بها من حد معانيتها الشاخص فيها ، لتستحيل تلقيا يستجيب لاشترطات الذات الجمعية الشعبية .
ان تستحيل ( الرواية ) المكتوبة متلقى شعبيا لا يعني :
– طبعها طبعات شعبية .
– ولا اتساع مساحة قراءتها وقرائها .
– ولا يعني اعادة انتاجها في عمل من أعمال سينمائية أو تلفزيونية .
– ولا يعني الكتابة النقدية المتسعة عنها واستعادة ذكرها ومضامينها عند الدارسين والقراء .
أنه يعني ذلك كله ، وقبله ومعه اشتغالها على مساحة تمثيل دالة لبيئة شعبية ، سواء كانت « مدينية او ريفية او صحراوية وتكريس سياق التشكيل الفني لها الذي ستخرج بعده .
كذلك شارك الناقد علوان السلمان في بحث له عن رواية الصليب : تكتنز رواية « الصليب « بمغريات حداثة مفاهيم نقدية كثيرة ، لكن قراءتي المنتجة ستتوقف عند وحدات اللون وملاحقته في حياتنا اليومية ، تتوقف لتتجاوزه وصولا الى ما يفرزه اللون من مؤثرية فلكولورية ، فسواد البشرة لا يكتفي بالبشرة ، بل يخترقه نحو المؤثر الغيبي ، اذ تشتغل المخيلة الجمعية في تسريب جهويته .
وقرأ الناقد د . محمد أبو خضير بحثه الموسوم « سرديات الوشم .. تكرير الأنسقة .. زوال متجدد : يعد الوشم واحدا من النصوص الشعبية التي تحضر في متن ثقافتنا الأنسانية ، وبفعلية وأداء واضحين ، أذ خضع الوشم الى مسار تاريخي وجدل ذاتي ، وأستجاب من لحظاته الثقافية والتقنوية والانثرولوجيا ، ويمكن ان يحمل الوشم بعدا سرديا في منسوب ما .
الا انه لم يقرأ الا كونه نصا أصوليا ومقرورا ليكون او ينتهي الى هجنة من العناصر والثقافات دون مركزية بذاتها ، ويمكن ان يخضع الوشم الى تأجيل وحسب المعطى اليومي والنواميس القيمية .
وقد خضع الوشم الى أمتصاص لمجمل الاتجاهات الثقافية ، مثل « العجائبية ، الفنطازية ، الغروتسك ، المستقبلية ، السريالية ، الكوليريالية « ، ويحمل متن النص بعدا تعبيريا أسميناه « سرد اللافتة « ، وهو نسق بصري يخص معناها الوشم مع « اللافتة « في تشكلها الطغرائي .
بحوث ضمها مؤتمر السرد الثالث
وقرأت الناقد د . منتهى طارق بحثها الموسوم « جماليات الموروث الثقافي في المسرح العراقي .
والباحث والقاص باسم عبد الحميد حمودي أفاض في بحثه الموسوم « السرد عن بغداد قديما .
في حين قرأ د . قيس كاظم الجنابي بحئه الموسوم « جماليات المثل الشعبي « .