سمير خليل
عندما غادرت سوزان خالد العراق عام 2007 واستقرت في عاصمة الضباب لندن، حملت معها اصالتها وموهبتها وذكرياتها الحميمة، ظل الحنين ملازما لروحها حتى وجدت ما يطفئ جذوة هذا الحنين من خلال أنغام عراقية شجية تخترق ضباب المدينة العتيقة وترفرف صوب بلدها واهلها في العراق.
ورثت عن والدها حبها للفن، والدها الفنان عازف الناي والنحات على معدني الذهب والفضة خالد السبتي الذي زرع بذرة الابداع عنوانا لحياتها وحيوات اخواتها الأربع. شقيقتها الكبرى ورثت عن والدها فن النحت والاخرى فنانة تشكيلية، والثانية عازفة للكمان، اما الصغرى فقد عشقت البيانو وبرعت به. اما سوزان فقررت ان تتخذ آلة الفلوت رفيقة لها. تترجم افكارها وتنثر احاسيسها والحانها به.
لهذه المبدعة العراقية، تحليل رائع لتقبل الجمهور الغربي الفن العراقي، اذ تقول: التعددية الموجودة في الموسيقى الشرقية، والانتقالات اللحنية من مقام الى مقام آخر، إضافة الى الربع تون الغريب على خارطة الغرب الموسيقية يولد حالة غريبة لديهم فتشد مسامعهم. الغرب يتذوق موسيقانا فتعدد الأنغام في الموسيقى العراقية لا يماثله او يشابهه موسيقى اي بلد في العالم، وكما قال موسيقار الأجيال الاستاذ محمد عبد الوهاب (الموسيقى العربية تدور في فلك، والموسيقى العراقية تدور في فلكٍ آخر).
*هل تعزفين مقطوعات من التراث، ام مقطوعات من الموسيقى الغربية، ام هي تأليف جديد؟
-بحكم دراستي وكوني أحد أعضاء الفرقة السمفونية العراقية، فانا أتذوق وأعزف الموسيقى الغربية، لكن لجمالية وشجن الموسيقى الشرقية بصورة عامة والعراقية بصورة خاصة، وجدت نفسي انشّد وأعزف هذا النوع من الموسيقى التي تختلف تماماً في الروح عن موسيقى العالم، انا اعزف الحانا من التراث، وأيضا مقطوعات من تأليفي، وكما تعلم فان لغة الموسيقى لغة عالمية، فباستطاعتي ان اعزف موسيقى لكل شعوب العالم.
وأضافت: أقدم الموسيقى التراثية، عبر جدليه الماضي والحاضر بأنغام موسيقية، كما عزفت لكبار الموزعين الموسيقيين العراقيين منهم الاستاذ احمد عدنان الذي لديه مؤلفات موسيقية عدة اذكر منها (دموع بغداد)، و(وحدي)، ولدي مقطوعات من تأليفي منها (اغتصاب الياسمين)، و(القاصرات)، و(حنين)، وغيرها بمواقف احتجاجية لما يعانيه بلدي الحبيب وشعبه الصبور.
*بمن تأثرت ومن كان صاحب الفضل في صقل موهبتك ؟
-تأثرت بالمرحوم والدي خالد السبتي لأنه كان فنانا ونحاتا على المعادن الثمينة وعازفا على آلة الناي، وكان من أكثر المشجعين والداعمين لي، واشترى لي اول آلة فلوت في حياتي وحفر اسمي عليها، كما اود ان اذكر استاذي المحترم فؤاد الماشطة الذي له الفضل لما وصلت اليه.
* كيف بدأت مسيرتك في العراق ؟ واي الآلات الموسيقية قريبة اليك؟
-بدأت مع آلة الناي، وكنت اعزف عزفا غير منتظم، فنصحني والدي بتبني آلة الفلوت، وبعد اكمال المرحلة الاعدادية التحقت بمعهد الفنون الجميلة ببغداد، وبعد مرور سنة واحدة وبعمر 17 سنة التحقت بالفرقة السمفونية الوطنية، وبعد تخرجي من المعهد بتفوق كبير، حيث كنت الطالبة الاولى على معاهد الفنون الجميلة في بغداد والبصرة والموصل، التحقت بكلية الفنون الجميلة ببغداد وتواصلت كعضوة في الفرقة السمفونية. وقدمنا مهرجانات فنية كثيرة منها في مهرجان بابل ولثلاث سنوات متتالية، اضافة لأمسيات في مناسبات وطنية وثقافية. شاركت مع كبار الملحنين والموزعين حتى غادرت العراق عام 2007. الآلة القريبة الى روحي بعد الفلوت فهي آلة الچلو.
تحدثت سوزان خالد عن المهرجانات والنشاطات التي كان لها مشاركة فاعلة بها وقالت:
قدمت العديد من الالحان في مهرجانات وفعاليات متعددة سأذكر عددا بسيطا منها: مهرجان دموع بغداد، وحفل جمعية الأكاديميين العراقيين، ومهرجان ايلينغ للجاز، وحفل الرعاية الصحية البريطانية، واحتفالية مهرجان الثقافات الكبير الذي تنظمه كلية الرجال العاملين في لندن، والذي يظهر ثقافات الشعوب وفنونها الموسيقية، وهناك وجدت قبولا مدهشا وانا اعزف لناظم الغزالي وفيروز وام كلثوم ومائدة نزهت. اضافة الى لكثير من الأعمال الخيرية والحفلات للجالية العراقية والعربية داخل لندن وخارجها.
وختمت حديثها باخر مشاريعها المتمثل بانتمائها الى فرقة (احساس مابين النهرين) الموسيقية وقريباً جداً سنحتفي بولادة اول عمل لهذه الفرقة.