نعاني جميعنا من الروتين والرتابة في حياتنا، حتى بتنا في بعض الأحيان نتصور اننا عشنا تلك الحياة مسبقا، لان بعض الاحداث والمواقف تتكرر بتفاصيلها، لكن هل هذه حقيقة؟ ام ان الاحداث والمواقف تكرر فعليا بحياتنا نفسها، لكن بأزمان مختلفة.
دأبنا في حياتنا على التململ من تكرار تفاصيل يومنا، ولكن هل جلسنا يوما الى أنفسنا وقررنا ان نكسر ذلك الروتين والملل؟ ام ان ملامة الحظ أيسر كونها لا تتعدى بضع كلمات؟
بعضنا يعتقد ان تغيير مسكنه، او عمله، يمكن له ان يحل المشكلة، وبعضنا الاخر يحلم ببيت الاحلام، المطلة شرفاته على البحر، ويحيطه بستان من الورود، لكن، هل ان من يسكن فعلا بمثل هذا المكان لا يشعر بالروتين؟ انه إحساس يتسلل الينا عندما نكرر ممارساتنا اليومية، من ابسط تفصيلة الى اعقدها.
اذا، الأمر يتعلق بطبيعة شخصيتنا، بطبيعة التفكير والتعاطي مع المحيط، وهذا قد يرتبط بنحو ما بشكل الحياة التي نعيشها، وبالحالة الاقتصادية، وتلك النواحي يمكن لها ان تكون عوامل مساعدة، وليست رئيسة.
الحياة تحتاج الى روح شجاعة. ان تنحت بصخر الرتابة، شكلا من اشكال الحيوية، لتحيلها الى صورة وفعل مبتكر، يحمل جمالا وفنا، فمن يريد ان يخرج من دوامة التكرار، يحتاج الى روح فنان تساعده على إيجاد السبيل الأصح والوسيلة الانفع.
يقول الروائي والقاص البرازيلي باولو كويلو: إذا كنت تعتقد أن المغامرة خطرة .. فجرب الروتين فهو قاتل. هذا ما نحتاجه جميعا.. الجرأة والاقبال على فن المغامرة، فالحياة بحد ذاتها تمثل المغامرة الأكبر بالنسبة للإنسان، حيث لا شيء فيها مضمون، ولا شيء واضح، وليس هناك حقيقة بينة وجلية حد اليقين المطلق سوى الموت، اذا فمن خاف المغامرة، قد حكم على حياته بالفشل. لأنه أحد اهم اركان تأسيسها.
مشاعر عديدة واحاسيس متعددة، ترتبط ببعضها البعض بعدة زوايا، قد لا تراها العين ولا يتنبه لها العقل، فالروتين مرتبط بالارتعاب، والتوجس من الجديد المجهول، نعم، نحن نخاف المجهول، لدرجة ان الكثير منا يمتعض من أي حدث مباغت، او مفاجئ، ويشعر بالذعر حتى حينما تطرق اسماعه جملة “سأفاجئك بشيء”، لأنه وبرغم انزعاجه من الدأب المستمر بحياته، لكن خوفه من التغيير أكبر.
ان كنا نعاني حقيقة من الروتين، فعلينا البدء بفكرة جريئة، تحمل روح المغامرة، فالحياة أقصر مما نتصور، وابسط من تعقيداتنا، لذا لابد لنا ان نبدأ بالخطوة الأولى لتهشيم كأس الروتين، والبدء بصنع شيء آخر، المغامرة، ان تخوض غمار الجديد والتغيير. نحتاج قبلها ان نؤمن بأنفسنا، نؤمن بأن باستطاعتنا التعامل مع كل فكرة حتى تلك التي لم تخطر على بالنا يوما ما، فقد خلقنا الله بطاقات عظيمة، لم نكتشفها بعد.
اكتشف نفسك، لتصنع بها المعجزات، فالمعجزات لا ينحصر معناها بفعل خارق، بل ان تصنع شيئا، بغض النظر عـن حجمـه وقيمتـه.
أحلام يوسف
نحتاج مغامرة
التعليقات مغلقة