أحلام يوسف
في دراسة نشرت نتائجها في مجلة Proceedings of the Royal Academy كشف باحثون خلالها عن العلاقة بين الفصول الموسمية والحالة المزاجية لدى الانسان.
وأرجعت الدراسة اسباب التأثر بالجو إلى هرمون الميلاتونين المسؤول عن تعديل الإيقاعات البيولوجية، والذي يطلق عليه اسم هرمون النوم أو هرمون السعادة، والذي يزيد نشاطه مع حلول الظلام، وفصل الشتاء، بوصفه فصلاً تغلب على السماء خلاله الغيوم التي تتسبب بغياب اشعة الشمس، ويقل إفرازه مع وجود الضوء.
هناك من يعزو قيام الثورات بأكثر من دولة الى حرارة الصيف الملتهبة ويستشهد في هذا الشأن بثورات عدة قامت في شهر تموز، الحار، فبداية من الثورة الفرنسية الى قيام الحرب العالمية عام 1914 وثورة الزعيم عبد الكريم قاسم ضد الحكم الملكي في العراق، وهنا يقول أصحاب هذا الرأي ان حرارة الصيف تؤثر بالخلايا العصبية وتثيرها، فيتولد الغضب والانفجار.
ويظهر تأثير الجو وتقلباته في الحالة المزاجية في التراث الادبي أيضا، فمثلا ارتبط الربيع بالحب والفرح وكل ما من شأنه العلو بالنفس الى مراتب عليا من الجمال، والشتاء والصيف بالحدة والانفعالات، اما الخريف فهو ما يعبر به حتى في الأغاني عن حالة الذبول، والنهايات الحزينة..والهادئة.
العلم الحديث أكد وجود هذه العلاقة، اذ تقول سناء طه باحثة بعلم النفس: هناك علاقة بين حالة الاتزان والهدوء، والسلوكيات العامة، والتغييرات الجوية وذلك من خلال تأثيرات كهربائية ومغناطيسية كونية، يتفاعل معها عقل الإنسان والجهاز العصبي، وتكون المحصلة النهائية تغييرات بيولوجية في جسم الإنسان مع كل فصل، ومع كل تغيير مناخي.
وتضيف: موضوع العلاقة بين مزاج الفرد والجو لا يتعلق في الفصول الموسمية فحسب بل حتى في ساعات اليوم، اذ نجد ان المزاج صباحاً يختلف عنه وقت العصر والغروب والليل، وانصح بمن لديهم القابلية على التغيير البايولوجي والتغييرات المناخية الى ممارسة بعض النشاطات، مثلا دعوة الأصدقاء وقت الغروب ان كان هذا الوقت يتسبب له باضطراب او حزن بشكل ما، او زيارة الى احدهم، اختلاق مواضيع جميلة للتحاور بشأنها حتى وان كان الموضوع يخص علاقات الحب والتغييرات التي طرأت على هذه العلاقة في زمن التكنولوجيا. والتسوق بالنسبة للعديد من النساء متعة كبيرة، فان كانت لا تعاني من ضائقة مالية لا بأس ان تقوم بالتسوق برفقة احدى الصديقات، وفي الوقت الذي تجد نفسها مكتئبة فيه، وغيرها العديد من الأنشطة التي لا يسعني ذكرها جميعها هنا، المهم ان لا نستسلم لحالة البؤس التي تصيبنا في بعض المواسم والاوقات، واشدد هنا على القيام بالأنشطة المختلفة في تلك الأوقات فذلك يساعدنا بمرور الوقت على تخطي الأمر وحتى تأثيره علينا بايولوجيا.
هناك من يربط حالة الحزن او الاكتئاب بجو معين الى ذكرى مؤلمة حدثت في مثل هذا الجو او هذا الفصل، وهناك من يشعر بالاكتئاب عندما تتلبد السماء بالغيوم، فبالرجوع الى كلام سناء طه علينا ان نختار ممارسة أحد الأنشطة في تلك الأجواء، فحتى الذكريات التي تخص بعض الأماكن والأجواء، يمكن لنا ان نستبدلها بذكريات اجمل.
المتغيرات الجوية تتحكم في امزجة وبايولوجيا الانسان
التعليقات مغلقة