توقيف 18 شخصًا والملك سلمان يُقيل سعود القحطاني وأحمد عسيري
متابعة ـ الصباح الجديد:
أكّدت الرياض للمرة الأولى فجر امس السبت، أنّ الصحافي السعودي جمال خاشقجي قُتل في قنصليتها باسطنبول اثر وقوع شجار و»اشتباك بالأيدي» مع عدد من الأشخاص داخلها.
وعلى الإثر، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن تفسيرات الرياض «جديرة بالثقة» معتبرا أنها «خطوة أولى مهمة».
وبالتزامن مع الاعلان، أمر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بإعفاء نائب رئيس الاستخبارات العامة أحمد عسيري والمستشار في الديوان الملكي برتبة وزير سعود القحطاني، وكلاهما مقرب من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إضافة إلى مسؤولين آخرين في جهاز الاستخبارات، فيما ذكرت الرياض أنّها أوقفت 18 سعوديا على ذمة القضية، وفق ما جاء في بيان رسمي نقلته وكالة الأنباء السعودية.
وقال ترامب معلقا على الإعلان السعودي «نحن لم ننته بعد من تقييمنا أو من التحقيق ولكنني أعتقد أنّها خطوة أولى مهمّة» مضيفا «نحن نجري تحقيقاً في الوقت الراهن. لدينا الكثير من الناس الذين يعملون على هذه القضية ، ولدينا دول أخرى تعمل عليها. هذه مشكلة جدية للغاية».
وبعدما توعد الخميس بردّ «قاس جدًا» على الرياض إذا ثبُتت مسؤوليتها، قال ترامب ردا على سؤال صحافي عن احتمال فرض عقوبات على الرياض «الوقت ما زال مبكرا جدا للحديث عن هذا الأمر» مضيفا «إذا كان سيتم فرض شكل من أشكال العقوبة ، فإنا أفضّل أن لا نقوم كإجراء عقابي بإلغاء أعمال بقيمة 110 مليارات دولار»، في إشارة الى صفقة تسليح أبرمتها واشنطن مع المملكة.
وتعرّضت الرياض لضغوط دولية إثر اختفاء خاشقجي بعد دخوله قنصلية بلاده في اسطنبول في 2 تشرين الأول ، في قضيّة دفعت بالعديد من المسؤولين ورجال الأعمال الغربيين إلى إلغاء مشاركتهم في مؤتمر اقتصادي تنظمه الرياض الأسبوع المقبل.
وقال مسؤولون في الأجهزة الأمنية التركية إنّ خاشقجي تعرّض للتعذيب وقتل داخل القنصلية على أيدي فريق سعودي جاء خصيصاً الى تركيا لاغتياله، بينما نفت الرياض أن تكون أصدرت أوامر بقتله.
*شجار» ثم «وفاة»
ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن البيان أنّ «التحقيقات الأولية التي أجرتها النيابة العامة أظهرت قيام المشتبه به بالتوجّه إلى إسطنبول لمقابلة المواطن جمال خاشقجي وذلك لظهور مؤشّرات تدلّ على إمكانية عودته للبلاد»، من دون أن تفصح عن هوية المشتبه به.
وأضاف البيان «كشفت نتائج التحقيقات الأولية أنّ المناقشات التي تمّت مع المواطن جمال خاشقجي أثناء تواجده في قنصلية المملكة في إسطنبول من قبل المشتبه بهم لم تسر بالشكل المطلوب وتطوّرت بشكل سلبي أدّى إلى حدوث شجار واشتباك بالأيدي بين بعضهم وبين المواطن جمال خاشقجي، وتفاقم الأمر ممّا أدى إلى وفاته».
وتابع أنّ هؤلاء حاولوا «التكتّم على ما حدث والتغطية على ذلك»، مشيراً الى أنّ «التحقيقات في هذه القضية مستمرة مع الموقوفين على ذمّتها والبالغ عددهم 18 شخصاً من الجنسية السعودية».
وفي وقت لاحق، أصدر «مركز التواصل الدولي» التابع لوزارة الإعلام السعودية لاحقا بيانا بالإنكليزية نسب إلى «مصدر مسؤول»، ذكر فيه أن المناقشات في القنصلية اتخذت «منحى سلبيا» وانتهت بمشادة أدت إلى مقتل خاشقجي و»محاولة» من مستجوبيه لـ»إخفاء ما حصل».
وعسيري مقرّب من ولي العهد ويحضر اجتماعاته مع المسؤولين الزائرين للمملكة، وكان يتولّى منصب المتحدّث الرسمي باسم التحالف العسكري الذي تقوده المملكة في اليمن.
أما القحطاني فيعرف عنه هو أيضاً قربه من ولي العهد، وقد ظهر برفقته في صور مع ملوك ورؤساء نشرها على حسابه بتويتر.
وكانت المملكة أكّدت أن خاشقجي غادر مبنى القنصلية بعد وقت قصير من دخوله، وسمحت لفريق تحقيق تركي بتفتيشه. كما قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مقابلة مع وكالة بلومبرغ «ما أعرفه هو أنه دخل وخرج بعد دقائق قليلة أو ربما ساعة. أنا لست متأكّداً».
ولم يتّضح من البيانات السعودية الرسمية التي حمّلت المسؤولية للمشتبه بهم وحدهم، مصير جثة الصحافي الذي كان يقيم في الولايات المتحدة ويكتب مقالات في صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية ينتقد فيها سياسات ولي العهد.
وغادر خاشقجي السعودية في 2017 في خضمّ حملة توقيفات قادها ولي العهد وشملت كتّاباً ورجال دين وحقوقيين وأمراء وسياسيين.
وعلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن إعلان قتل خاشقجي يثير «اضطرابا عميقا» مؤكدا في بيان «على ضرورة إجراء تحقيق سريع ومعمّق وشفّاف في ظروف وفاة خاشقجي وعلى المحاسبة التامّة للمسؤولين عنه».
وإلى جانب عسيري والقحطاني، شمل قرار الملك بإعفاء مسؤولين مساعد رئيس الاستخبارات العامة لشؤون الاستخبارات اللواء الطيار محمد بن صالح الرميح، ومساعد رئيس الاستخبارات العامة للموارد البشرية اللواء عبدالله بن خليفة الشايع، ومدير الإدارة العامة للأمن والحماية برئاسة الاستخبارات العامة اللواء رشاد بن حامد المحمادي.
وأصدر العاهل السعودي أيضاً قراراً بتشكيل لجنة وزارية برئاسة الأمير محمد بن سلمان، لإعادة هيكلة جهاز الاستخبارات العامة وتحديد صلاحياته، في قرار جاء بتوصية من ولي العهد، بحسب وكالة الأنباء الرسمية.
*تضارب الروايات
وكتبت خطيبة خاشقجي التركية خديجة جنكيز في تغريدة بالعربية صباح السبت «إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإنا على فراقك يا حبيبي جمال لمحزونون».
وتضاربت الروايات حول مقتل خاشقجي. فكتب علي الشهابي مدير «معهد الجزيرة العربية» في واشنطن المؤيد للسعودية على تويتر أن «خاشقجي قضى خنقا خلال مشادة جسدية، وليس شجارا بالأيدي»، مشيرا إلى أنه يستند في معلوماته إلى مصدر سعودي رفيع المستوى.
ويرى الباحث في جامعة «رايس» كريستيان اولريكسن أن «كل رواية يضعها السعوديون لشرح ما حدث لخاشقجي تأتي بقدر أقل من المصداقية».
وأكد لوكالة فرانس برس «خاصة أن السعوديين لا يزالون غير قادرين أو غير راغبين باظهار دليل واحد، أو جثة، يمكن أن يقدم إجابة نهائية بطريقة أو بأخرى».
ونشرت مجلة «نيوزوويك» الأميركية حوارا أجراه خاشقجي أكد فيه أنه لا يدعو للإطاحة بالنظام السعودي، لأن هذا «امر غير ممكن»، مؤكدا أنه يدعو فقط «لإصلاح النظام».
وقال خاشقجي في الحوار إنه يقبل «بالتأكيد» بمنصب مستشار لولي العهد السعودي كونه «يرغب في سعودية أفضل» ولكنه انتقد «حكمه الاستبدادي» واصفا الأمير محمد بأنه «زعيم قبلي من الطراز القديم» بعيدا عن مشاغل السعوديين.