دكاكين.. الصحافة!

بعد الانفتاح وأجواء الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير غير المسبوقة في العراق، استبشرنا خيراً بـ (التخمة) التي أصابت القارئ بسبب الكم الهائل من المطبوعات التي أغدقت عليه أكثر من مواد الحصة التموينية وساعات تجهيز الكهرباء الوطنية ..!
صحف ونشرات وجرائد ملونة وبالأسود والأبيض، تحيط بنا من كل جانب، تحمل الغث والسمين، فيها ما يهدي وما يُضل، ما يجمع وما يفرّق، ما يقرِّب وما يبَّعد، مايحبِّب وما يكرِّه.. ما يعطي وما يبتز، منها ما يُدار من قبل أهل الصنعة والكار، وأخرى من قبل من لا علاقة لهم بها ، منها من يتشوق لها المثقفون والقراء، ومنها من يتشوق لها أصحاب (اللوندريات) وبائعة (حب عين الشمس).
لا أحد يستطيع أن يغفل دور نقابة الصحفيين العراقيين وجهود الزميل النقيب في لملمة شتات الصحفيين خلال السنوات الماضية والمطالبة بحقوقهم المشروعة، والعمل على تحقيق مكاسب مهمة للأسرة الصحفية خلال السنوات الأخيرة، لكن يبدو أن النقابة أخفقت في معالجة تفشي “ظاهرة “دكاكين” و”عشوائيات” الصحف التي ابتدعها عدد من “السماسرة” ممن يفتقدون الى “شرف” المهنة الصحفية ومن “الجاهلين” بأخلاقياتها وأهدافها ومبادئها وكرامتها !
لقد بات هؤلاء يمثلون تهديداً حقيقياً مباشراً لمهنة الصحافة وإساءة لها ولتاريخها المهني الذي يمتد الى أكثر من قرن من الزمن، ونتساءل: أين هؤلاء “الطارئون” من أحمد مدحت أفندي وعبد الجبار الخياط والبستاني والجادرجي والزهاوي ونوري ثابت وروفائيل بطي والجواهري وغيرهم من رجالات الصحافة العراقية..؟
يقول والتر ليبرمان أحد رواد الصحافة العالمية : “إن الصحافة المتهكمة التي تُشكك في الفضائل البشرية، سوف تُنتج مع الوقت شعباً خسيساً مثلها “!
هذه “الدكاكين” و”العشوائيات” الصحفية التي اتخذت من الابتزاز “والسمسرة” والتشهير بالآخرين طريقاً للحصول على ما يريد أصحابها لسد جوعهم بالسحت الحرام، هذه الصحف العشوائية عُرفت بتخريجها مجاميع كبيرة من “المتسولين” و”المتسولات” الذين يجوبون أرجاء الوزارات والمؤسسات الحكومية للحصول على الأموال والإعلانات بالوسائل والطرق غير المشروعة وبعناوين وصفات صحفية !
لا أدري كيف تسكت نقابة الصحفيين على إهانة شرف المهنة بهذه الطرق والأساليب الموجعة والمتخلفة من قبل هؤلاء..؟ وكيف تتغافل عن الإساءة للشخصيات العامة والتشهير بأسمائهم وعناوينهم الصريحة والطعن في كرامتهم..؟ وهذا ما يتنافى ويتناقض مع القوانين والأنظمة والتعليمات وحرية الرأى والتعبير،ونتسأل مَن منح هؤلاء “العشوائيين” السلطة “للتشهير” و”القذف” و”التنكيل” بالآخرين ؟
أين القوانين وأخلاقيات المهنة والمعايير المهنية والصحفية التي تعتمدها النقابة في تقييمها وفي منحها إجازات ممارسة المهنة..؟ أين لجنة الانضباط من هؤلاء !
آن الأوان لنقابة الصحفيين لمراجعة ملفات إدارات “دكاكين” الصحافة، التي يدّعي أصحابها أنهم يعملون تحت عباءة وحماية النقابة..!!

• ضوء
أذا لم تُكافح “الجراد” فإنه سَيأكل الاخضر واليابس !
عاصم جهاد

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة