باتريشا اسبينوزا وآن هيدالجو
ستعقد في الشهر المقبل في مدينة سان فرانسيسكو القمة العالمية للعمل المناخي وهي واحدة من اضخم التجمعات الدولية المتعلقة بالتغير المناخي.
ان هذه الفعالية والتي سيكون شعارها « دعونا نأخذ الطموح للمستوى التالي « تهدف الى ان تكون بمنزلة انطلاقه لبذل المزيد من الجهود لتمكين العالم من تحقيق الاهداف التي حددتها اتفاقية باريس للمناخ لسنة 2015.
الفعالية بمنزلة فرصه ذهبية لإحراز تقدم فيما يتعلق بالجهود لمكافحة الاحتباس الحراري ولكن لا يمكن اغتنام هذه الفرصة، الا بمشاركة جميع الأطراف التي لديها مصلحه في هذا الخصوص.
لقد وافق المجتمع الدولي بموجب اتفاقية باريس للمناخ على الحد من ارتفاع معدل درجات الحرارة العالمية لتقتصر على 2 درجه مئوية فقط – وفي الوضع المثالي 1،5 درجه مئوية فقط- فوق مستويات ما قبل الصناعة، ومن اجل تحقيق هذه الغاية ، تم تكليف الحكومات بتطوير خططها الخاصة بها للعمل المناخي « المساهمات التي يتم تحديدها على مستوى الحكومات «.
لكن الحكومات لا تستطيع عمل ذلك لوحدها فالجميع – بما في ذلك على جميع المستويات الحكومية وقادة قطاع الاعمال والمستثمرين والمجتمع المدني – يتوجب عليهم المساهمة، وهذا يتطلب شكل جديد من التعددية الشاملة، بحيث نستطيع كذلك تطبيقه من اجل تحقيق اهداف التنمية المستدامة، والتي تكمل التزامات اتفاقية باريس.
ان هذه المهمة لن تكون سهلة، ولكن هناك الكثير من الاسباب التي تدعونا للتفاؤل، فهناك زخم عالمي غير مسبوق من اجل بناء مستقبل يتميز بالكربون المنخفض، والامن المناخي، واقتصاد ديناميكي صديق للبيئة، ومجتمع مزدهر وبيئة صحية.
تشكل الطاقة المتجددة على مستوى العالم 70% من صافي الإضافات للقدرة على توليد الطاقة في سنة 2017 طبقا لتقرير الوضع العالمي عن الطاقة المتجددة لسنة 2018 كما انه طبقا لتحالف اندر تو، فإن هناك اكثر من 200 دولة ومنطقة وسلطة محلية ملتزمة بخفض انبعاثات غاز الدفيئة الخاصة بها بما لا يقل عن 80% اقل من مستويات 1990 بحلول سنة 2050 .
ان المراكز الحضرية كذلك قد عملت على تحسين قدراتها فيما يتعلق بالابتكار والقيادة بالنسبة للمناخ، فمدينة نيويورك اعلنت تعديل 14500 بنايه من اكثر البنايات تلويثا للبيئة في المدينة، كما اصبحت مدينة شينزين اول مدينه في العالم لديها اسطول حافلات يعمل بنحو كامل بالطاقة الكهربائية، ولقد انشأت مدينة اوسلو ميزانيه لحساب التأثير المناخي وذلك من اجل الاسترشاد بها عند اتخاذ القرارات المالية.
على المستوى التجاري فإن هناك أكثر من 700 شركه بقيمه سوقيه تتجاوز مبلغ 16 تريليون دولار اميركي قد عملت التزامات شاملة تتعلق بالمناخ، وذلك طبقا لائتلاف وي مين بيزنيس، كما قام 289 مستثمر لديهم اصول تصل قيمتها الى 30 تريليون دولار اميركي تقريبا بالتوقيع على المناخ 100 + وهي مبادرة مدتها خمس سنوات من اجل التواصل مع اضخم الشركات التي تبث غاز الدفيئة في الجو، وذلك من اجل تحسين ادارتها لموضوع التغير المناخي والحد من الانبعاثات وتعزيز الإفصاحات المالية المتعلقة بالمناخ، وكنتيجة لذلك فإن اصدار السندات الخضراء العالمية قد يصل الى 300 مليار دولار اميركي هذا العام .
نحن ما زلنا بعيدين عن مرحلة الامان فالعلماء يتفقون ان انبعاثات ثاني اكسيد الكربون العالمية يجب ان تصل الى نقطة تحول سنة 2020 لو اردنا ان نحصل على الحياد الكربوني (اي انبعاثات قليله لدرجة القدرة على امتصاصها بشكل آمن من قبل الغابات والتربة وغيرها من الأنظمة الطبيعية) بحلول منتصف القرن . وحتى الان فإن هناك 50 بلد تقريبا قد حققت، او ربما قد حققت ذروة الانبعاثات فيها وهناك بلدان اخرى عديده قد تحذو حذوها قريبا وهذا يعد تقدم، ولكنه ليس كافيا.
في واقع الأمر فإن غازات الدفيئة في الجو ما تزال تتراكم بمعدل قد يأخذنا قريبا الى ما هو اعلى من عتبة الدرجة ونصف الدرجة المئوية، مما يعني انه لن يكون بإمكاننا تجنب بعض من اسوأ التأثيرات للتغير المناخي .
لقد اصبحت احوال الطقس القاسية اكثر شيوعا، كما رأينا في درجات الحرارة التي سجلت ارتفاعا لم يسبق له مثيل لهذا العام، وطبقا للتوجهات الحالية، فإن معدل درجات الحرارة العالمية قد يرتفع ليصبح اعلى من ثلاث درجات مئوية مما قد يعرض للخطر انظمه طبيعية حيوية مثل الشعاب المرجانية والغابات المطيرة والمناطق القطبية.
ان جميع الاطراف الذين لديهم مصلحه في هذا الخصوص بحاجه الى تعزيز التزاماتهم المناخية ومن اجل البدء بتلك العملية، فلقد أصدرت القمة العالمية للعمل المناخي وشركاءها مجموعة واسعة من التحديات الجديدة، بما في ذلك أهداف تتعلق بالقضاء على الانبعاثات في المدن وهي تستهدف قيام 500 شركه بتبني اهداف علمية ومبادرات من اجل زيادة عدد المركبات التي لا تبث اي انبعاثات في الجو .
إن مثل هذه الجهود لن تحمي بيئتنا فحسب، بل انها ستعزز كذلك من اقتصاداتنا وطبقا لتقرير اصدرته مؤسسة ذا نيو كلايمت ايكونومي مؤخرا فإنه في قطاع النقل فقط، فإن التحول القائم على خفض الكربون سيخلق 23 مليون فرصة عمل عالميا بشكل سنوي .
وربما الأهم من ذلك كله ان اظهار الطموح المتعلق بالعمل المناخي من قبل القادة من جميع القطاعات من المرجح ان يلهم الحكومات على زيادة المساهمات التي تحددها قبل مؤتمر الامم المتحدة للتغير المناخي في بولندا في كانون الأول ديسمبر المقبل، حيث ستعمل الحكومات على وضع اللمسات الأخيرة لإرشادات تطبيق اتفاقية باريس.
ان التصرف وحيدا يمكن ان يكون صعبا، علما ان العمل الجماعي يمكن ان يمكّن جميع المشاركين ويلهمهم لعمل المزيد، ولو اردنا ان نترك كوكب صحي للأجيال المستقبلية فإننا بحاجه لعمل المزيد .
باتريشا اسبينوزا: السكرتيرة التنفيذية لمعاهدة الامم المتحدة الإطارية المتعلقة بالتغير المناخي .
آن هيداجو هي عمدة باريس ورئيسة مبادرة مدن سي 40 .
بروجيكت