محمد الكريم
– انت كاتب فاشل..
ظلت هذه العبارة يصدح صداها في رأسي، وادعو ربي: « يا الهي، ماذا عساي ان افعل؟، ولمَ لمّا ازل امسك غليوني، ومرتديا معطفاً طويلا اصفر باهتاً، واعتمر قبعة فرنسية؟، يا ربي لماذا امشي مثل الفرنسيين؟ واقلدهم في كل شيء؟»..
اكتب يوميا، تتوالى علي الافكار وادونها جميعها، لكن الا القليل القليل الذي اخرجه على اتم وجه، اشعر بارتياح كبير ازاء انتهائي من كتابة قصة.. اخلع قبعتي، وانزل نظارتي ذات الماركة الفرنسية الى ارنبة انفي.. استعجل لقراءة القصة، اجدني كتبت كلاما لا افهمه، اشك باني سرقت العبارات من كاتب فرنسي، على الرغم من تفكيري المحدود، الا اني متأكد بأن ابطالي يفكرون افضل مني ويقولون كلاما لا استطيع قوله ويقودون الاحداث الى خاتمة لا علاقة لي بها..
«اللهم ابعث لي صديقا يقرأ ما دونته، ويشرح لي ما كتبت، لم افهم شيئا. عله يفهم شيئا»
لم يحالفني الحظ لزيارة فرنسا، على الرغم من اني اتصوّر ان فرنسا وحدها على الخارطة، في الكون كله بلدي وفرنسا، لم اقرأ سوى لكتابها، وقد اشعر باني كاتب فرنسي يكتب بالعربي!.
امشي في الشارع مثل سارتر، واجلس في المقهى مثل روسو، واركب سيارة مثل نابليون، وانام مثل امبراطور فرنسي. تهرب مني الفتيات لاني لا اجيد الكلام الا ما احفظه من بطون فلسفات فرنسا، ولا اصدقاء لي، لان الجميع لا يفكرون مثل الفرنسيين.
بعد تعب مشي في الشارع الذي اتصوره باريسي اجلس في مطعم اطلب طبقا فرنسيا دجاج الباساك، وحلوى فرنسية.
انا اعيش خارج الكون داخل تفاصيل لا تعني احدا، اكتب ما لا يفهمه احد واعيش حياتي بمفردي، وكأني الوحيد في هذا الكوكب. قال لي احدهم: انت تسير عكس التيار وتتجه الى الضياع.. فكنت لا اهتم للكلام. لكني اليوم كبرت واجد صعوبة، ان فرنسا بعيدة عليّ قضيت عمري ادرب نفسي على العيش بحياة فرنسية..
يبقى سؤال يطرق تفكيري: كيف اموت، مثل الفرنسيين؟ ومن يدفنني؟
ساكتب في وصيتي: ادفنوني في فرنسا!