«التنمر» بين تلاميذ المدارس في العراق أمسى ظاهرة تستوجب العلاج

بسبب الحروب والفقر
أعداد – احمد حمزة :

ظاهرة تنمر التلاميذ في المدارس، هي واحدة من نتائج كثيرة متوقعة لظرف وبيئة اجتماعية مختلة من جهة، وسلوك مكتسب عن طريق تلقي واستقبال نماذج ثقافية تنمي دوافع العنف في داخل الطفل من جهة ثانية».
ان «من الخطأ الفصل بين سلوك فردي للطفل وبين الظروف العامة المحيطة به سواء على مستوى الاسرة او المجتمع ككل، لاسيما بعد أن يأخذ هذا السلوك منحى انتشارياً يوصف معه بكونه ظاهرة، أي واقعة اجتماعية متكررة تمارس نوعاً من القوة والقسر على الافراد، وتلعب التكنولوجيا المتقدمة دوراً مهماً في التأثير على الطفل، وتحفيز السلوك العنيف في داخله، بدءاً من أفلام الكارتون التي تعج بالمعارك والقتال والحيل، والالعاب الالكترونية القائمة على الفكرة نفسها، كل هذا من شأنه أن يسهم في خلق نفسية متوترة قلقة عنيفة في الوقت ذاته».
«اليونسكو» كانت تقديراتها الصادرة عام 2017 تشير إلى أن من بين أكثر من مليار طفل في المدارس حول العالم، يتعرض ربعهم لأعمال البلطجة والعنف المدرسي. وإن مراهقاً واحداً من أصل ثلاثة مراهقين، في أوروبا وأميركا الشمالية تعرضوا للتنمر في المدارس، مرة واحدة في الأقل. وإن الأكثر عرضة لخطر التنمر هم في كثير من الأحيان من الفقراء أو الأقليات العرقية أو اللغوية أو الثقافية.

دراسة في العراق
في دراسة أجريت بالعراق عام 2015 ، شملت الدراسة 300 طالب وطالبة اعدادية، تم اختيارهم بطريقة عشوائية، وكانت نسبة الذكور الى الاناث 1.3:1. وعند مقابلة كل طالب تم استحصال معلومات ديموغرافية والتعرض للعنف، وكذلك التنمر. ومن مجموع الطلبة، ظهر 86.5% متنمرين، و 80.5% ضحايا تنمر و 74% متنمرين وضحايا تنمر أي تبادلوا ادوار التنمر وضحايا التنمر، و765 متفرجين على التنمر وضحاياه. اما انواع التنمر فكانت جسدية أي ما يوجهه طالب الى آخر (ضرب او رفس او دفع او بصاق او عدم الترحيب وغيرها) بين 77% من الطلبة، اما النمر اللفظي (الاستفزاز والتنابز بالألقاب والاهانة والتهديد وغيرها) بين 60.5% من الطلبة، وتنمر علاقات (إطلاق كلمات وتسميات جنسية) بين 42.5%.
الارقام المذكورة اعلاه في نوع التنمر (جسدي او لفظي او جنسي) او الدور في التنمر (متنمر او ضحية او متفرج) اعلى من النسب التي وردت من العالم العربي. وربما تفسير هذه الظاهرة بالنمو في مجتمع وثقافة تتماهى مع النزاعات السياسية والطائفية، حيث تقضي هذه الثقافة حل النزاعات بالعنف.
وقد استمر التعرض للعنف لأكثر من عقد من السنوات. ان هذه الثقافة والتعرض للعنف يشجع الاحساس بالانتساب لمجموعة (عشيرة او قبيلة او عائلة او غيرها) والشعور بالأفضلية على الاخرين. كما تشجع هذه الثقافة عدم تقبل الاختلاف، والشعور بأن المختلف اقل قيمة او مرتبة، وهذا يشجع على الكره.
النسبة العالية للتنمر في العلاقات (التنمر الجنسي) وممارسته عن طريق إطلاق طرائف جنسية قذرة او ملاحظات جنسية او غيرها، يعكس الاتجاهات الجنسية بين المراهقين. وقد اكدت دراسات عديدة بأن التنمر يتأثر بالاتجاهات الجنسية، وتتأثر الاخيرة بالتعرض للحروب والعنف.
ان الانتشار الواسع تمثل في النسب العالية التي وردت تعني تعاظم المشكلة في المدارس وتحتاج الى معالجات.

بحوث جديدة
لقد ظهر العديد من البحوث التي فسرت ظاهرة (التنمر) وآخرها ما قام به الخبراء وتركيزهم على وضع دراسات مطولة لتقييم الآثار الحقيقية على المدى الطويل لظاهرة التنمر, وحلل الباحثون من كلية لندن الجامعية University College London ، وهي من أقدم الجامعات اللندنية وبينوا أن الطفل «الضحية « الذي يتعرض للتخويف في سن الـ 11 من عمره يصاب بحالة من الاكتئاب والقلق، ولكن هذه الحالة لا تستمر عند وصوله سن الـ16 من عمره أي بعد مرور خمس سنوات ولا تترك عليه ظاهرة (التنمر) أية ندبات عقلية دائمة.

استجابة الأطفال للتنمر
حلل الباحثون ظاهرة (التنمر) من خلال بحث أجري على نحو 11108 توائم ولدوا في انجلترا ومقاطعة ويلز بين العامين 1994 و 1996 وتم اختيار التوائم للحد من التأثير المحتمل للحياة المنزلية أو العلم الوراثي الذي يؤثر بنحو كبير على مدى استجابة الأطفال للبلطجة (التنمر).
وظهرت نتائج الدراسة مبينة تقييم الصحة النفسية للمشاركين وما يترتب عليه من الشعور بالقلق والاكتئاب، الاندفاعية، عدم الانتباه وفرط النشاط، مشكلات السلوك وقلة الخبرات مثل شرود الذهن وتذبذب الأفكار، إضافة الى جنون العظمة.

أطفال أكثر مرونة من الآباء
يقول الدكتور سيلبرغ إن معظم الأطفال الذين يتعرضون الى ظاهرة (التنمر) سوف يحصلون على نتائج أفضل وهم أكثر مرونة من الآباء والمعلمين في طريقة تفكيرهم على الرغم من انهم يكذبون عند سوء معاملة أقرانهم في المدرسة وإصابتهم بجنون العظمة غالباً ما تستمر ولأسباب غير واضحة في حياتهم اللاحقة.
وتكشف النتائج عن أن الأطفال الذين يتعرضون للتخويف عند 11 عاماً أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق وعدم الانتباه وفرط النشاط، إلا أن هذه الظروف لا تستمر بعد مرور خمس سنوات.
الدكتورة بوني ليدبيترتضيف ، وهي باحثة نفسية من جامعة فيكتوريا في كندا، التي لم تشارك في الدراسة : أن آثار (التنمر) قد يقل مع مرور الوقت وقد يكون عرضياً أو مزمناً والتقييم المحدود (للتنمر) قد يقلل من أثره المزمن على الصحة النفسية والمشكلات السلوكية. وذكرت أن الاطفال في سن المراهقة يمرون بظروف نفسية تجعل منهم أطفالاً عدوانيين يتنمرون على أقرانهم كي يثأروا لأنفسهم.

أسباب الظاهرة
ترجع الدراسات أسباب ظهور التنّمر في المدارس إلى التغيّرات التي حدثت في المجتمعات الإنسانية ، و المرتبطة أساساً بظهور العنف و التمييز بكل أنواعه ، واختلال العلاقات الأسرية في المجتمع ، وتأثير الاعلام على المراهقين في المراحل المتوسطة والثانوية ، وكثرة المهاجرين الفقراء الذين يسكنون الأحياء الفقيرة وعدم قدرة أهل هؤلاء الطلبة المتُنمّرين على ضبط سلوكياتهم . و عموماً يمكن تلخيص أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار ظاهرة التنمر للأسباب التالية :

الأسباب السيكوسوسيولوجية
في كثير من الأحيان، ينحدر المتنمرون من الأوساط الفقيرة و من العائلات التي تعيش في المناطق المحرومة ، أو ما يسمى أحزمة الفقر ، و تعاني من مشكلات اقتصادية ، في ظل وضع سوسيولوجي يتسم باتساع الهوة و الفوارق بين الطبقات الاجتماعية .
و من الناحية السيكولوجية عادةً ما يكون المتنمرون ، و خصوصاً القادة منهم ، ذوي شخصيات قوية و من الشخصيات السيكوباثية psychopath المضادة للمجتمع ، و تكمن خطورة هذا النوع في إمكانية تحوله خارج المدرسة إلى مشروع مجرم يهدد استقرار المجتمع ، اذ غالباً ما يؤسس المتنمرون عصابات إجرامية أو ينضمون إلى عصابات إجرامية قائمة . إلى جانب ما ذكر ، يمكن أن يلجأ الطفل إلى العنف نتيجة مرضه واضطراباته السلوكية التي تحتاج إلى علاج وتدخّل من أشخاص مهنيين، مثل الأطباء النفسيين المختصين في الطب النفسي للأطفال أو الاختصاصيين النفسيين أو المرشدين في المدارس . فأحياناً تعود أسباب التنمر إلى اضطرابات نفسية قد تحتاج إلى علاج دوائي وهذا بالطبع يكون بعد أن يتم الكشف من قِبل طبيب نفسي ومن الأهمية أن يكون هذا الطبيب مختصاً في الطب النفسي للأطفال.

الأسباب الأسرية
تميل الأسر في المجتمعات المعاصرة إلى تلبية الاحتياجات المادية للأبناء من مسكن وملبس ومأكل وتعليم جيد وترفيه، مقابل إهمال الدور الأهم الواجب عليهم بالنسبة للطفل أو الشاب، ألا وهو المتابعة التربوية وتقويم السلوك وتعديل الصفات السيئة والتربية الحسنة. وقد يحدث هذا نتيجة انشغال الأب أو الأم أو هماً معاً عن تربية أبنائهما ومتابعتهم، مع إلقاء المسؤولية على غيرهم من المدرسين أو المربيات في البيوت. إلى جانب الإهمال، يعد العنف الأسري من أهم أسباب التنمر، فالطفل الذي ينشأ في جو أسري يطبعه العنف سواء بين الزوجين أو تجاه الأبناء أو الخدم ، لابد أن يتأثر بما شاهده أو ما مورس عليه . وهكذا فإن الطفل الذي يتعرض للعنف في الأسرة، يميل إلى ممارسة العنف والتنمّر على الطلبة الأضعف في المدرسة، كذلك الحماية الزائدة عن الحد تعوق نضج الأطفال وقد تظهر لديهم أنواع من الفوبيا كفوبيا المدرسة والأماكن المفتوحة لاعتمادهم الدائم على الوالدين، فالحماية الأبوية الزائدة تقلل من شأن الطفل وتضعف من ثقته بنفسه وتشعره بعدم الكفاءة.

الحياة المدرسية
ارتقى العنف في المدارس المعاصرة إلى مستويات غير مسبوقة، وصلت حد الاعتداء اللفظي و الجسدي على المدرسين من طرف الطلاب و أولياء أمورهم، حيث اندثرت حدود الاحترام الواجب بين الطالب ومعلمه، مما أدى إلى تراجع هيبة المعلمين و تأثيرهم على الطلاب، الأمر الذي شجع بعضهم على التسلط و التنمر على البعض الآخر، تماماً كما يقع في المجتمعات عندما تتراجع هيبة الدولة و المؤسسات . إلى جانب ذلك يمكن أن يؤدي التدريس بالطرق التقليدية التي تعتمد مركزية المدرس كمصدر وحيد للمعرفة و كمالك للسلطة المطلقة داخل الفصل، إلى دفع هذا الأخير إلى اعتماد العنف و الإقصاء كمنهج لحل المشكلات داخل الفصل، مما يخلق بيئة مناسبة لنمو ظاهرة التنمر. إضافة إلى غياب الأنشطة الموازية داخل المدارس ، و اختزال الحياة المدرسية في الأنشطة الرسمية التي تمارس داخل الفصل في إطار تنزيل البرامج الدراسية .

الإعلام و الثورة التقنية
تعتمد الألعاب الإلكترونية عادة على مفاهيم مثل القوة الخارقة وسحق الخصوم واستعمال جميع الأساليب لتحصيل أعلى النقاط والانتصار من دون أي هدف تربوي ، لذلك نجد الأطفال المدمنين على هذا النوع من الألعاب ، يعدون الحياة اليومية بما فيها الحياة المدرسية ، امتدادا لهذه الألعاب ، فيمارسون حياتهم في مدارسهم أو بين معارفهم والمحيطين بهم بالكيفية نفسها . وهنا تكمن خطورة ترك الأبناء يدمنون ألعاب العنف ، لذلك ينبغي على الأسرة عدم السماح بتقوقع الأبناء على هذه الألعاب والسعي للحد من وجودها ، كما ينبغي على الدولة أن تتدخل وتمنع انتشار تلك الألعاب المخيفة ولو بسلطة القانون لأنها تدمر الأجيال وتفتك بهم . و إلى جانب الألعاب الإلكترونية ، و بتحليل بسيط لما يعرض في التلفاز من أفلام سواء كانت موجهة للكبار أو الصغار ، نلاحظ تزايد مشاهد العنف و القتل الهمجي و الاستهانة بالنفس البشرية بنحو كبير في الآونة الأخيرة ، و لا يخفى على أحد خطورة هذا الأمر خصوصاً إذا استحضرنا ميل الطفل إلى تصديق هذه الأمور و ميله الفطري إلى التقليد و إعادة الإنتاج .

علاج الظاهرة
أول خطوة لعلاج هذه المشكلة هو الاعتراف بوجودها، تليها مرحلة التشخيص للوقوف على حجم هذه الظاهرة في مدارسنا وتحديد المستويات الدراسية التي تنتشر فيها أكثر من غيرها، ومعرفة الأسباب التي تؤدي إلى انتشار التنمر. عندئذ يمكننا أن نعمل على إيجاد حلول لهذه المشكلة التي تنتشر أكثر في الدول الغربية بسبب التغييرات التي تحدث في المجتمعات وتأثير الإعلام الذي غيّر كثيراً من سلوكيات الأطفال والمراهقين، وامتد تأثيره ليشمل حتى سلوكيات البالغين. و في الخليج العربي ، تعد الوقاية من التنمر في المدارس أحد برامج الخطة الجديدة لـ”اليونيسف” في المنطقة للمرحلة 2017، والهدف الرئيسي لهذا البرنامج هو الوصول لمدارس خالية من التنمر لضمان بيئةٍ آمنةٍ للأطفال.

العلاج الأسري
تعد الأسرة البيئة الأولى التي تؤثر في سلوك الطفل، و هي بذلك تكتسب أهمية بالغة في ترتيب المتدخلين في علاج ظاهرة التنمر ، و ليكون التدخل الأسري فعالًا ، لابد من التروي و عدم العجلة في الحكم على سلوك الطفل و وصفه بالمتنمر قبل أن تتضح الرؤية و تتم دراسة المشكلة من جميع الجوانب ، و استشارة جميع المتدخلين في حياة الطفل ، بما في ذلك بحث الصعوبات التي يمكن أن يواجهها الطفل في المدرسة فيما يخص التحصيل الدراسي ، و التي يمكن أن تكون وراء سلوكه العدواني .
و في حالة ثبوت تنمر الطفل ، يجب مناقشته بهدوء و تعقل ، و استفساره عن الأسباب التي تجعله يسلك هذا المنحى تجاه أقرانه ، وتوضيح مدى خطورة السلوك ، و آثاره المدمرة على الضحية . وفي جميع الأحوال، يجب تفادي وصف الطفل بالمعتدي أو المتنمر أو أي نعت قادح أمام زملائه، لأن ذلك يمكن أن يأتي بنتائج عكسية وخيمة، كما يجب على الآباء عدم اختلاق الأعذار للطفل والتبرير لأفعاله وبخاصة أمام المعلمين و الزملاء.
من جهة أخرى ، ينبغي التحكم فيما يشاهده الطفل في التلفاز ، و تذكير الأطفال بوجوب احترام مشاعر الآخرين ، بمناسبة عرض مشاهد لأشخاص يتعرضون لمواقف مضحكة أو محرجة ، وإقناعهم أن هذه الأمور غير مسلية وشرح شعور الآخرين إذا ما كانوا ضحايا لمثل هذه التصرفات.
وينبغي على الوالدين التعامل مع الموضوع بجدية لأن الأطفال الذين يتنمرون على الآخرين عادة ما يواجهون مشكلات خطيرة في حياتهم المستقبلية، وقد يواجهون اتهامات جنائية، وقد تستمر المشكلات في علاقاتهم مع الآخرين . أما في حالة كان الابن ضحية للتنمر، فيجب على الوالدين إبلاغ الإدارة، والشروع في تعليم الطفل مهارات تأكيد الذات، ومساعدته على تقدير ذاته من خلال تقدير مساهماته و إنجازاته، وفي حال كان منعزلا اجتماعياً بالمدرسة فيجب إشراكه بنشاطات اجتماعية تسمح له بالاندماج مع الآخرين وبناء ثقته بنفسه.

بعض النصائح
التنمر الطلابي سواء كان نفسياً، أو لفظياً، أو جسدياً أو اجتماعياً، له آثاره السلبية على أداء الأطفال الضحية وعلى مستواهم الدراسي، كما يعرقل نموهم النفسي والاجتماعي، ويشعره بأنه غير مرغوب فيه من قبل الآخرين، ويتولد لديه إحساس القلق والخوف والشعور بعدم الارتياح، ويجعله لا يشترك في الأنشطة المدرسية، أو يكره الذهاب الى المدرسة، ويظهر عدم استفادته من المناهج التعليمية. ومن اهم النصائح لمساعدة الطفل للتخلص من هذا المرض النفسي هذه بعض النصائح :
*إشراك الطالب العدواني في الأنشطة المدرسية التي تفرغ طاقته، والتعامل معه كابن لهم.
*عدم معاقبة الطالب بالطرد خارج الفصل مهما كانت الأسباب، حتى لا يشعر بالإحراج أمام زملائه.
*توزيع الطلاب حسب الفروق الفردية على الصفوف.
*توعية الطلاب بحل خلافاتهم عن طريق التفاهم والحوار وتجنب محاولات العنف.
*كما يجب على المرشدين التربويين الجلوس مع هؤلاء الطلاب لمعرفة أسباب التنمر والعمل على تجنبها.
*يجب الاهتمام بالبرامج الوقائية التي توعي وتحد من السلوك العدواني.
*يجب تواصل المدرسة مع أولياء أمور هؤلاء الطلاب.
* توجيه طاقة الطلاب إلى الجوانب النافعة.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة