هاني حبيب
للمرة الثانية خلال عام واحد، يطرح رئيس الحكومة الإسرائيلية فكرة مشروع قانون لتخفيض نسبة الحسم في الانتخابات البرلمانية القادمة، في تشرين الأول 2017 بادر داعياً العودة إلى النسبة الحاسمة إلى ما قبل انتخابات 2015، أي 2%، الأمر الذي من شأنه زيادة عدد أحزاب اليمين في الكنيست، وتشجيع كتل القائمة العربية المشتركة للانسلاخ عنها والتقدم للانتخابات في قوائم حزبية منفصلة، ما يؤدي إلى تشرذمها من ناحية وتناقص أعداد ممثليها في الكنيست من ناحية أخرى، علماً أن رفع نسبة الحسم في السابق، كانت تهدف إلى تراجع التمثيل العربي في الكنيست، وكان رد الأحزاب العربية بالتوحُّد في مواجهة هذه الخطة وخاضت الانتخابات مُوحَّدة للمرة الأولى وأفشلت المسعى اليميني الذي استهدف وحدة التمثيل العربي في البرلمان الإسرائيلي.
قبل أيام، عاد رئيس الحكومة نتنياهو، لإنعاش هذه الفكرة من جديد لخفض نسبة الحسم بنصف بالمئة، المعلِّقُون الإسرائيليون وجدوا في هذه الفكرة استهدافاً من قبل حزب الليكود لتعزيز هيمنة اليمين على المشهد السياسي والحزبي كونها ستؤدي إلى ارتفاع تمثيل الأحزاب اليمينية الصغيرة الداعمة لليمين الليكودي، ما يؤدي إلى هيمنة مطلقة لقوى اليمين في أية حكومة قادمة، كون ذلك سيكون على حساب التوازن الحالي نظراً لنفوذ الأحزاب الليبرالية، كحزب ليبرمان.
وبرغم أن الليكود نجح خلال الأيام القليلة الماضية في سن قانون القومية وإضعاف المحكمة العليا بعدما نجح في الحدِّ من سطوة الإعلام الحكومي، في ظل التوازن الحزبي الحالي، إلاّ أن مطالبة بعض القوى الليبرالية «لتعديل» قانون القومية إثر ردود الفعل على هذا القانون، برغم ذلك، فإن الليكود ربما يسعى إلى توازن جديد لا يقبل بأية معارضة لاستهدافاته اللاحقة من خلال زيادة نفوذ اليمين بنحو مطلق، والانتقال من سيطرة اليمين إلى هيمنته على الحياة السياسية والحزبية والبرلمانية، حسب د. مهند مصطفى.
تنطلق رؤية نتنياهو فيما يتعلق بخفض نسبة الحسم من ناحية، لمنح فرصة لفوز أحزاب اليمين الصغيرة، ومن ناحية ثانية أن رفع نسبة الحسم أدّت إلى ظهور القائمة المشتركة، عندما تحدَّت الأحزاب العربية هذه الفكرة من خلال توحُّدها في قائمة واحدة، يعتقد نتنياهو أنه هو، ومن خلال رفع نسبة الحسم، مكّن الأحزاب الدينية من التوحُّد، وأن عليه الآن، اللعب على الخلافات في اطار القائمة المشتركة للانقسام من جديد على ضوء إعادة الأمور إلى الوراء، ما يفتح المجال أمام تطلعات بعض الأحزاب العربية إلى الانفصال عن القائمة المشتركة التي باتت القائمة الثالثة من حيث مقاعدها في الكنيست، بعدما خاضت الانتخابات في قائمة موحَّدة من خلال الأحزاب: التجمع، والجبهة، والحركة العربية للتغيير والقائمة الموحَّدة في انتخابات 2015 تحت اسم «القائمة المشتركة». وفازت بـ 13 مقعداً مقارنة بالمقاعد الـ12 التي كانت لها مجتمعة في الانتخابات السابقة، وفي خطوة مشابهة انضم حزب تسيبي ليفني بضم حزبها «هتنوعاه» إلى حزب العمل، في تشكيل «المعسكر الصهيوني» والفوز بـ24 مقعداً، وثاني أكبر الأحزاب والحزب الأول في قيادة المعارضة، كما زادت مقاعد «ميرتس» مقعداً واحداً، خمسة بدلاً من أربعة بعدما تم تحويل الأصوات التي نالها حزب «ياحد» من دون الوصول إلى نسبة الحسم إلى «ميرتس»، أي أن حزب اليسار فاز وزادت مقاعده بأصوات اليمين، وهي إحدى مفارقات رفع نسبة الحسم في الانتخابات السابقة.
وفي كل الأحوال، لن تجد فكرة نتنياهو طريقها إلى التشريع، بالنظر إلى رفض بعض الأحزاب اليمينية المنافسة لأحزاب يمينية صغيرة، إضافة إلى رفض حزب ليبرمان، الذي كان وراء اقتراح رفع نسبة الحسم في الانتخابات السابقة!
*ينشر بالاتفاق مع جريدة الأيام الفلسطينية