فهد الصكر
« ليس تعبيرا عن الأنحياز للبصرة، أن نحتفي بقصاصي مدينة البصرة، بل تأكيد على أن البصرة مدينة تحكي، مدينة تحلم، ومثلما للماء سردياته الصادقة، فالبصرة مدينة تروي حكاية للعابرين، وهي من أهم المدن التي كتبت وأوجدت التحديث في القصة العراقية «.
بهذه الكلمات رحب الناقد علي حسن الفواز بمجموعة من قصاصي مدينة البصرة في جلسة أحتفاء أتحاد الأدباء والكتاب في العراق والتي أقيمت أخيرا على قاعة الجواهري، ليديرها بعد ذلك القاص باسم القطراني وهو أحد المحتفى بهم الى جانب الروائيين « عبد الحليم مهودر، نبيل جميل، ياسين شامل «، للحديث عن تجاربهم الأبداعية وقراءة نماذج من كتاباتهم المتميزة.
وشكرا القاص باسم القطراني هذه المبادرة كونها تثري المشهد الثقافي في تبادل الرؤى في فضاء السرد الروائي وقال « هل جربت أن تدرب حروفك على الطيران في سماوات اخرى، أن تكتب بلغة سديمية حتى تفهم الكائنات سرك، أبدا لن تحتاج الى المرايا، فأنت متشابه مع بعضك ألا تكف عن خطواتك المتعبة على هذا التراب العاق، تردد تراتيلك المقدسة ما قبل الحلم، الحلم الذي سيفسد ما بحوكه الفجر من مكائد.
ليبدأ بعد ذلك الروائي عبد الحليم مهودر بالحديث عن بعض من سيرته الذاتية، وتجربته الإبداعية في فضاءات المسرح والسرد القصصي والروائي، ليقرأ نصه السردي « ظل حكاية «.
وأعترف الروائي نبيل جميل بأنه بدأ مشواره الثقافي شاعرا فشل في التمسك بحيواته، لكنه خطى نحو السرد القصصي بمشورة أدباء البصرة أمثال محمد خضير والراحل محمود عبد الوهاب وأخرين، ليصل الى كتابة الرواية متمكنا من أدواته المعرفية، ليقرأ بعض من نصوص روايته الأخيرة « رسائل رطبة «.
وايضا تحدث الروائي ياسين شامل عن محطات من سيرته الأدبية والذاتية في مشوار الثقافة، ليقرأ بعد ذلك نماذج من كتاباته السردية « دوامة، عقوق «.
وأخيرا تحدث القطراني عن تجربته الإعلامية والسردية في مشهد الثقافة البصرية من خلال نص شاعري مرتبط بالسرد الجنوبي الباذخ الجمال، كما النخيل المتخيل سومريا حين كان يزهو بوقفته ذات شجن عراقي مضى.
المداخلات
تناول الناقد علوان السلمان تجارب المحتفى بهم، ومؤكدا فرادة طروحاتهم السردية ومشيرا الى « أن العناية بأوجه الخطاب السردي أفضى الى بروز تيارين رئيسيين في السردية عموما: أولهما السردية الدلالية التي تعني بمضمون الأفعال والمنطق الذي يحكمها، ثانيهما السردية اللسانية التي تعني بالمظاهر اللغوية للخطاب وما ينطوي عليه من أساليب ورؤى.
وأشار الناقد بشير الحاجم الى مقاربة اجرائية من وحدة موضوعية، وملفتا النظر الى الانتباه الى التاريخ السياسي الذي شكل قاسما مشتركا في كتابات المحتفى بهم، على أن يخضع التاريخ للرواية لا العكس، ومؤكدا أن الروائي مؤرخ مجازي غير حقيقي.
وتساءل الناقد علي الفواز: ما لذي نتخيله، وكيف يحكي الناس عن البصرة وقد عاشت حروبا، من هنا قال الفواز: ما قرأت للمحتفى بهم، أن مدينة البصرة تعاني فوبيا الحرب، وعلاقة الشخصيات بالمكان علاقة مضطربة بوصفه فعلا سرديا كونه على علاقة مع واقع يحمل الكثير من الخسارات والانكسارات تحت شارات الفقد « الحرب، الجوع، الموت «، لتصبح الكتابة – الرواية الوظيفة الهائلة التي تمتلك ترميم الفقدانات.
وتحدث الروائي جابر خليفة جابر عن ميزات الرواية البصرية الموازية الى شقيقاتها في بغداد، لكنه أشار الى أن الرواية البصرية تفتقر الى النقد الذي ظل بعيدا عنها، وأشار الى تجارب المحتفى بهم وكيف ولدت في مدينة تحملت الخسارات وتناولت الغرائبية من قاع مدينة ترتوي من الماء المالح وهي على أديم نفط يرتوي العالم منه الى حين.
مسك الختام
وزع الناقد فاضل ثامر الواح الجواهري الى المحتفى بهم وقد أشاعوا قاعة الجواهري بضياء سردهم الجميل ملوحا.