الرقص مع الوباء

ما يحدث على تضاريس مضاربنا المنكوبة من أحداث غرائبية وكوارث وانتهاكات فظيعة ضد من حاولت شرائع الارض والسماء تكريمه، ينبئ عن تدهور لا مثيل له، انحدرت اليه شعوب وقبائل وملل هذه الاوطان المنسية من بركة التحولات التي عرفتها سلالات بني آدم في العصر الحديث. ومن يتصفح شيئاً مما يدونونه من آراء وافكار في مواقع التواصل الاجتماعي، وما تتضمنه خطب منابرهم الخشبية والورقية والالكترونية، يجد اواصر التواصل والتعاطف والتضامن مع تلك الجرائم والممارسات الهمجية، واضحة لا لبس فيها، وتعكس حجم التأييد الجماهيري والاحتياطات الهائلة لمثل تلك السيناريوهات الجهنمية.
البعض يستغرب مثل هذه التحولات في مواقف ومزاج قطاعات واسعة من سكان هذه الاوطان، والتي كانت الى وقت قريب منخرطة في هرولات ما يعرف بحركات التحرر الوطني والتنمية السياسية والاقتصادية ونشاط الاحزاب السياسية والثورية الحديثة. ومثل هذه الدقلات التراجيدية تثير حتماً حزمة من التساؤلات عن علل مثل هذه الردة الحضارية السريعة، وطبيعة الشروط والمناخات التي تقف خلفها.
إن مشهد العري الشامل لواقع امكاناتنا ومواهبنا ومخزوناتنا الفعلية، والمتمثل اليوم بعودة الفردوس المفقود (الخلافة)، يؤكد حقيقة ان القوم لم يدركوا بعد نوع الاستقبال الذي ينتظرهم في نهاية هذا الماراثون من الرقص مع الوباء والاحتفاء به.
كل هذا الضيم والقهر وسلسلة الهزائم الحضارية والقيمية، والقوم معتصمون بعروة تعاويذهم عن العداوات التاريخية والمؤامرات الشيطانية المنشغلة بهم من دون الناس..! استعداد لا مثيل له للخوض بكل الاوحال الا ضلالة مراجعة انفسهم وامكانية اعادة النظر بعدتهم الصدئة المسؤولة عن كل هذا النحس العضال المرافق لهم منذ أكثر من الف عام وعام.
أمة لا تنتج ولم تعد تعي الشحنات الجديدة لمعنى الانجاز والابتكار بعد ان عرتهم المصادفة الجيولوجية بسوائلها وغازاتها الريعية، كي يستعرضوا آخر ابتكاراتهم في الرقص مع الوباء الذي هجرته الامم الاخرى منذ زمن بعيد.
إن مشاهد الذبح المريعة وسبي النساء واعادة الروح لتشريعات الجزية وقطع اليد والرجم وغير ذلك من الارث الذي اعتذرت عنه كل الاقوام والملل التي وصلت الى سن التكليف الحضاري والاخلاقي، يؤكد الحاجة الى تدخل اممي عاجل لانقاذ ما يمكن انقاذه من سلالات بشرية مهددة بالانقراض مع مثل هذه الهلوسات الجمعية. ولن نبتعد عن الواقعية عندما نطلب الغوث من الامم المتحدة ومجلس الامن كي تنتشل هذه الاوطان من هذا الخطر والوباء الذي أحكم قبضته على المفاصل الحيوية لهذه المجتمعات، وبالتالي اعلان هذه البلدان بوصفها مناطق منكوبة وتستحق الصدقة الأممية العاجلة..!

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة