اثاروا فضولي بعنوانهم “رابطة مبدعي مدينة الثورة”، نعم انا اعرف مثلي مثل الكثير من العراقيين ان العديد من المبدعين في مجالات الادب والشعر والرياضة والغناء عاشوا في مدينة الثورة “الصدر حاليا” ونشأوا فيها قبل انتقالهم الى مدينة أخرى، وهناك من ظلت “الثورة” مرتبطة بروحه ارتباطا وثيقا حتى انه يخاف مغادرتها، فكأنه بذا يغادر روحه وتاريخه.
عندما طلبت الانضمام إليهم كان اول ما اثار فضولي عنوانها، اذ اختار المسؤولون “الثورة” عنوانا، وهو الاسم الذي عرفت به في زمن الزعيم عبد الكريم قاسم، وتغير لأكثر من مرة. أضافة الى اني وددت التعرف على أسماء بعض المبدعين الذين اجهل عن حياتهم الكثير، وبالفعل هذا ما حصل، وعرفت أسماء كثيرة لم اكن اعلم انهم من تلك المدينة المزدحمة بالفوضى، والفقر، والمظلومية، وأيضا.. المبدعين.
الابداع الأهم والاجمل كان لأعضاء الرابطة، ومنهم اكتشفت نوعا اخر من صفة الابداع بعيدا عن الفن والادب، انه الابداع الروحي الإنساني، معهم عرفت ان خارطة العراق التي بات يشوبها الكثير من التشوه في اذهاننا، خارطة مزيفة، زيفتها فوضى السياسة التي القت بظلالها على كل مفاصل حياتنا اليومية، وشوهتها بعض الأفكار التي حملها أصحاب الفكر الواحد، والأنا. انها خارطة جديدة، تشع نورا على روح كل من يتعرف على تفاصيلها. معهم زرت أحد دور المسنين في بغداد، وعرفت من مدير الدار “الإنساني جدا بتعامله مع النزلاء”، ان عشرات الموسرين، تبرعوا للدار وما زالوا يجودون بمواد واموال حسب الحاجة، ورفضوا ان تعلن أسماؤهم!
في عصر الكل يبحث عن الشهرة، والكل يبحث عن الأضواء ويهرول اليها ليقف تحتها، نجد ان هناك من يُقدم على فعل كبير وعظيم، لكن خفية، فكانوا ضمن السبعة الذين يظلهم الله في ظلّه، لأنهم رجال تصدقوا بصدقة فأخفوها حتى لا تعلم شمالهم ما تنفق يمينهم.
انهم ملائكة الأرض، حيث لا ينتظرون حمدا ولا شكورا، ولا ينتظرون شهرة إعلامية، بل يعملون لوجه الله فحسب، معهم عرفت ان العراق ما زال الخير والإنسانية يتوسدان ارضه الطيبة.
رابطة مبدعي مدينة الثورة اثبتت ان الابداع له أوجه عدة، وان الخير له عشرات الطرق يمكن ان يسلكها طالبه، وان صفحات الفيس بوك يمكن ان تقوم بما لا تقدم عليه، ولا تستطيعه العديد من منظمات المجتمع المدني، فهناك عدد من الحالات المحتاجة لعون الله وعباده، استطاعوا من خلال رابطتهم “العراقية” ان يعلنوا عنها وان يحصلوا على تبرعات من اهل الخير داخل العراق وخارجه، فخير العراقيين لا تحده حدود، ولا توقفه عقول شاذة.
مبدعو الرابطة كتبوا عنوانا جديدا للإبداع والحب والوطنية، واثبتوا اننا جميعا يمكن لنا ان نكون مبدعين، وان نكون فاعلين بالمجتمع، فالوطن يحتاجنا اليوم أكثر من أي وقت مضى، يحتاج الى وقفتنا مع بعضنا البعض، والى الاقتداء بأصحاب العقول الواعية، والقلوب المرهفة التي يؤذيها منظر محتاج. هنيئا لكل من يبدع من موقعه.
أحلام يوسف
العراق أرض المبدعين
التعليقات مغلقة