الأدب كوثيقة

كثيرة هي القضايا والحوادث التاريخية التي مر بها العراق وابناؤه، وكثير هي القصص التي عشناها بكل تفاصيلها على الشاعر العراقي، ولكن الى اليوم لم نقرأ ولم نشهد اعمالا أدبية وثقت لمرحلة ما من المراحل التاريخية للعراق، الا قلة قليلة من الكتاب لا يتعدون أصابع اليد ، ولا أدري سبب هذا التغافل عن هذه الاحداث التي غيرت حياة الملايين من العراقيين، واثرت على أجيال واجيال.
الحرب العراقية الإيرانية، وصولا الى سنوات الحصار التي حطمت روح العراقي وجعلت منه تمثالا لا يفكر بغير لقمة العيش وكيف يوفر فطور وغداء أولاده لان وجبة العشاء حذفت في بعض العوائل !، وما تبعها من تحديات وظروف مأساوية مر بها العراقيون، اكلت من سنواتهم احلاها، ولم يعد العراقيون يفكرون بغير الاكل!! ولا شيء غير الاكل!، هذه الاحداث وما يتعلق بها ربما وردت بين احداث عدد قليل من الروايات، منها رواية (صمت الشوارع وضجيج الذكريات) للروائية ابتسام الطاهر ورواية (خضر قد والعصر الزيتوني) للروائي نصيف فلك واعمال أدبية أخرى لكتاب مثل احمد خلف وخضير فليح الزيدي.
يقول الروائي حميد الربيعي في كتابه (سرد بوصفه شغفا: عن الرواية وآفاقها)، الصادر مؤخرا عن دار الشؤون الثقافية في بغداد:» أن التاريخ ليس كله صالحا للسرد، لكن انتقاء المادة وطريقة معالجتها فنيا هما الأهم، حيث أن رواية ما بعد الحداثة تتيح للمؤلف حرية تحريك شخوصه، أو طريقة القص، أو التوقف عن الإيهام الذي يتلبس به القارئ للمادة التاريخية، من خلال تقنية الميتا سرد التي يتعدد فيها الرواة»، ومع هذا نجد هناك ترددا من بعض الادباء في الخوض بمواضيع تتعلق بمرحلة تاريخية معينة من عمر العراق!، تلافيا لخلافات ربما تظهر للسطح مع من يراهم ( الكاتب ) المعنيين بأمور الطبع والنشر والتوزيع.
اغلب الروايات العراقية اعتمدت على الموروث العراقي، هروبا من الخوض بأحداث اختلف عليها العديد من الباحثين والكتاب، وليجنب نفسه جدالا لا يفضي الى نتائج ورؤى جديدة، فاكتفى العديد منهم بالتركيز على احداث ما بعد 2003، متناسين ان ما قبلها يحمل خزينا من الاحداث والتراجيديا، تكفي العالم ادبا ومسرحا وسينما! ، الا ان المعنيين بالكتابة والادب العراقي، ما زالوا يدورون في دائرة واحدة وهي التاريخ والتراث، بينما نجد ان كل عائلة عراقية معبأة بالكثير من القصص والحكايات التي تثري المكتبة العراقية بأعمال أدبية ومسرحية توثق مراحل مهمة من تاريخ العراق المعاصر، لتكون مرجعا للأجيال الحريصة على الاطلاع على تاريخها الحديث.
حذام يوسف طاهر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة