عيون مفتوحة على وسعها

سام هاميل
ترجمة سارة حبيب

الفتاة الصغيرة ذات الجلد الزيتونيّ اللون
حدّقت بي
من داخل الصورة الفوتوغرافية
بعينيها المفتوحتين على وسعهما،
بعينيها البنيتين العميقتين الجميلتين
اللتين تحملان شاهدًا صامتًا
على حزن عتيق بقدِم الأزمان.
كانت شابة فتية،
وجميلة جدًا،
كما يمكن للشبان فقط أن يكونوا،
لكن داخل هذا الجمال
حملتْ شقاءها بصمت:
لأن دموعها كانت قد نفدت.
أغلقتُ المجلة وذهبتُ إلى الخارج
حيث توجد كومة الخشب.
قطعت زوجين من الجذوع، وأنا أفكر،
«لا بد أن نار تلك الصبية
نارٌ مفتوحةٌ هذه الليلة،
نارٌ متوهجة تلفح
وتتموج
مثل رايات عالية عبر النسيم».
عندما كنتُ صبيًا،
سمعتُ عن سفك الدماء
في كوريا، عن الجيش الأحمر
الجاثم على حدودنا،
وعن القنابل
التي قد تبيد عالمنا
للأبد.
اختبأتُ تحت مقعدي مع بقية العالم الأحمق.
في أوكيناوا، ارتديتُ الزي العسكري
وحملت السلاح
إلى أن بدأتْ عيناي تنفتحان،
إلى أن اختنقتُ
بغرور قوات المارينز،
إلى أن أدركتُ
كم كنتُ أعمى بكامل إرادتي.
كم من الحزن في هذي الحياة؟
وما الذي يمكن فعله ما لم
نقف بين المفقودين، بين القتلى،
واليتامى،
وأطفالنا المسلحين، ونكون شهودًا
مع أعين مفتوحة على وسعها؟
عندما كنت طفلًا، يخيفه الظلام
ويبكي في سريره،
كان والدي يقرأ لي قصيدة أو يغني،
«السروج الفارغة في الإسطبل القديم،
أين سيركبون هذه الليلة؟»
كان هوميروس يعتقد أن الموتى ينتقلون
إلى حقل من أزهار البروق.
موساشينو قرب طوكيو، تعني
«سهل موساشي»،
طريقُ المحارب المغسول بالدماء.
أغنيات الحرب أُنشِدت
على أنغام نفس الألحان العسكرية القديمة –
أوه، كم نحب أن نمجّد الموتى!
عالمٌ بدون حرب؟
من سوى الأطفال والحمقى
يمكنه أن يتخيل شيئًا كهذا؟
القادة المتحِدُون يذهبون إلى مدرسة
كتاب صن تزو «فن الحرب».
«سوف نستنكرها»، يقول الرئيس،
بينما يصدر أوامره بإلقاء القنابل،
«ولكن الله في صفّنا».
أيّ دمٍ هو دم مسيحي،
أيّ مسلم، يهودي أو هندوسي؟
الفتاة الجميلة ذات العينين الجميلتين الحزينتين
تراقب، لكنها
لم تتكلم بعد.
ما الذي تستطيع قوله؟
إنها تحمل عبء إيجاد
طريق آخر.
في عينيها، الخراب، الخوف،
الأحذية التي لا يمكن ملؤها، الأيدي
التي لن تداعب شعرها أبدًا.
ولكن أَنصتْ. ولسوف تسمع صوتها الصغير الناعم الحزين
– إنه داخلك منذ البداية –
نبضة قلب، همسة،
وعد منكوث –
فقط لو أنك تنصتْ
بعينين مفتوحتين على وسعهما.

* سام هاميل، 1943-2018: شاعر ومترجم أميركي له أربعة عشر مجلدًا من الشعر. بفضل ترجماته قُدّم محمود درويش إلى العالم الغربي. عُرف هاميل بمواقفه المناهضة للحروب، وأسس حركة شعراء ضد الحرب عام 2003.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة