تاريخ الأوبريت الغنائي وعلاقته بالأوبرا

الصباح الجديد- وكالات:

الأوبريت هو نوع من المسرحيات الغنائية كان محبوباً في الفترة بين أواسط القرن التاسع عشر حتى العشرينيات من القرن العشرين الميلادي. تطور الأوبريت من الأوبرا الهزلية الفرنسية ولكنه يختلف عنها في أنه يحتوي على حوار كلامي بدلاً من الحوار الغنائي، وعلى أغاني بدلاً من ألحان. وغالباً ما تكون مقدمة الأوبريت خليطاً من أغان منتزعة من العرض وليست شيئاً مؤلفاً مستقلاً كما هو الحال في الأوبرا.
اما الأوبرا فهي شكل من أشكال المسرح حيث تعرض الدراما كليًا أو بشكل رئيسي بالموسيقى والغناء، وقد نشأت في إيطاليا عام 1600. وهي جزء من الموسيقى الغربية الكلاسيكية.
في أي أداء أوبرالي، تُعرض عدة عناصر من عناصر المسرح الكلامي مثل التمثيل، المشاهد والأزياء، والرقص بعضًا من الأحيان. عادة ما تكون عروض الأوبرا في دار أوبرا مصحوبةً بأوركسترا أو فرقة موسيقية أصغر قليلاً.
ويعرّف أحمد بيومي في القاموس الموسيقي «الأوبرا» بالشكل التالي: الأوبرا عمل مسرحي غنائي، ومؤلّف درامي غنائي متكامل يعتمد على الموسيقى والغناء، يؤدى الحوار بالغناء بطبقاته ومجموعاته المختلفة، موضوعها وألحانها تتفق وذوق وعادات العصر التي كتبت فيه
الغرض من الأوبريت الترفيه وإدخال السرور على النفوس وليس إثارة العواطف القوية أو الكشف عن قضايا مهمة أو مناقشة قضية ذهنية أو جدلية. وفي كثير من الأوبريتات نجد أن عقدة القصة إما عاطفية رومانسية أو ساخرة. وفي معظم الحالات تتضمن نوعاً من الارتباك حول أخطاء غير مقصودة، كما تنتهي بنهاية سعيدة كثيراً ما تعكس شيئاً من المغزى الأخلاقي.
وتُظهر الموسيقى في الأوبريت ألحاناً مباشرة من غير تعقيدات لحنية، وفيها إيقاع قوي. وهناك الأوبريت الذي يحتوي على رقصات وغيرها من التي تقوم على أساس رقصة الفالس والكورال «الغناء الجماعي».
ازدهرت عدة مدارس قومية خلال الفترة التي انتشر فيها الأوبريت واستقبلت بلهفة شديدة. وازدهر هذا النوع في فرنسا، وكانت أجمل الأوبريتات التي كتبت هي تلك التي ألفها «جاك أوفنباك Jacques Offenbach» وهو مؤلف موسيقى فرنسي، ألماني المولد. ومن بين مؤلفاته «أورفيس في العالم الأرضي Orpheus in the Underworld» عام 1858م و»لابيل هيلين» عام 1864م و»لابيريشول La Perichle» عام 1868م.
في العالم العربي انتشر فن الأوبريت نقلاً عن أوروبا ولكن بمزيد من التعريب ليلائم الفكر الشرقي والمتلقي في الشرق. وقد بدأ هذا اللون من المسرح الغنائي في مصر في الثلث الأول من القرن العشرين الميلادي على يد الملحن داود حسني، ثم سرعان ما انتقل إلى بلدان عربية أخرى مثل لبنان وسوريا وكان هناك تأثير كبير لزيارة الفرق المسرحية الغنائية المصرية للبلدان العربية. وقد كان التونسي أشرف بن عبد الله أول تونسي يبدع في هذا الفن الراقي.
الأوبريت واحد من الفنون المسرحية تختلف من حيث المضمون والشكل عن فن الأوبرا. فالأوبريت يقدم حوارا كلاميا بدلا عن الحوار الغنائي. الهدف منه الترفيه والسخرية من المواقف، ولا يقصد إثارة العواطف القوية أو تقديم قضايا حيوية. مقدمته تعكس الأغاني المقدمة في العرض وليست أغان مستقلة كما هو الحال مع فن الأوبرا.
وهنا لابد لنا ان نذكر بعضا من أشهر الاوبريتات العالمية لأشهر الموسيقيين نذكر منها:

اوبريت الخفاش «Die Fledermaus»، من تلحين يوهان شتراوس .
وتبدأ قصة الأوبريت بدعابة سمجة، حدثت قبل مشهد الافتتاح بثلاثة أعوام. فبعد حفل راقص تنكري، ترك دكتور فالك صديقه أينشتاين، ليعود إلى المنزل عبر المدينة، وهو ثملا وحيدا، يرتدي زي الخفاش. كتب يوهان شتراوس الابن الأوبريت الكوميك من ثلاثة فصول مستخدما ليبريتو التي كتبها كارل هافنر، وريتشارد جينيه، واعتمد النص على مسرحية هزلية فرنسية هي «ليلة رأس السنة» كتبها هنري ميلهاك، ولودفتش هالفي.
وهذا ثالث أوبريت لشتراوس بعد علي بابا والأربعين حرامي، وكرنڤال في روما الذي كتبه في ستة أسابيع ليس إلا، وعرض اول مرة على مسرح أن دير فين بفيينا، في الخامس من أبريل 1874. وقيل أن شتراوس كتب هذا الأوبريت ليسلب أذهان الفيناويين، حتى لا يفكرون في كارثة بورصة الاثنين الأسود عام 1873. وسرعان ما دخل العمل في برامج الحفلات الموسيقية الدولية، وبحلول 1890 كان يعامل كأنه أوبرا وأنتج في أكبر دور الأوبرا العالمية.
وأيضا اوبريت الأرملة الطروب بالألمانية: Die lustige Witwe من تأليف المؤلف الموسيقي النمساوي المجري فرانتس ليهار. اشترك في كتابة قصة الأوبريت كل من فيكتور ليون، وليو شتاين، اللذين اقتبسا فكرتها من مسرحية كوميدية عنوانها «الملحق الدبلوماسي» التي كتبها الكاتب الفرنسي هنري ميلهاك سنة 1861. عُرض الأوبريت للمرة الأولى في مدينة فيينا في الثلاثين من شهر كانون الاول ديسمبر 1905، وكان أول عمل لليهار يحقق نجاحًا ضخمًا، حتى أنه كان أشهر أوبريت على الإطلاق في زمنه. وقد اقتبس من هذا الأوبريت عدد من الأفلام بلغات شتى.
اما اوبريت «اورفيس في العالم الأرضي» لجاك أوفنباك فتحكي قصة أورفيوس وهو كاتب وموسيقي إسطوري أغريقي، ونبي في الديانة اليونانية القديمة وفي الميثولوجيا الإغريقية، وجرى تأليف عدة قصص عن حياته، وقيل أنه ألف عدة أغاني لأجل زوجته ليورودس من العالم السفلي الإغريقي. نزل إلى العالم السفلي عالم الموتى، ليستعيد زوجته فسحر عقول الآلهة بروعه إنشاده لكنه فشل في تنفيذ رغبات الالهة ففقد زوجته إلى الأبد.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة