لا جدال ان تكامل الملف الامني مع الملف السياسي امر مهم وشرط اساسي لصنع الاستقرار في الدول وفي مجتمعات تعصف فيها الازمات السياسية والامنية لايتوقع احد ان يتم الوصول الى الاستقرار الاقتصادي والانطلاق في تنفيذ مشاريع التنمية والاعمار بسهولة وفي كل المراحل والحقب التاريخية الحديثة والمعاصرة التي مر بها العراق يجد الراصد والمتابع للشأن العراقي امثلة حية على فلسفة تكامل الامن مع السياسة من اجل خلق بيئة آمنة للاقتصاد فالحروب العبثية التي مر بها العراق واشعل فتيلها تهور زعماء الحروب وقلة تدبرهم وفقدان حكمتهم انهت مراحل الرخاء والرفاهية التي صنعتها بحبوحة الامن والاستقرار السياسي خلال فترات متقطعة من العهد الملكي والجمهوري والانفتاح في العلاقات مع الدول العربية والاجنبية اسهم الى حد كبير في جعل العراق مركزا تجاريا واقتصاديا مهما والتوظيف الصحيح والاستثمار لاموال تصدير النفط صنع من العراق دولة متطورة كادت ان تصل في نهاية السبعينيات الى مصاف الدول المتقدمة حسبما اشرت احصائيات ومؤشرات المنظمات الدولية المعنية بالتنمية والرفاهية ولربما كانت انعكاسات الاستقرار السياسي والامني العامل الابرز في كل ما نشير له في هذا المقال حيث حقق العراق خطوات متصاعدة في مجال البناء والاعمار اثمرت عن بزوغ عشرات المشاريع العمرانية التي شكلت شواخص حاضرة في قلب العاصمة بغداد وفي بعض المحافظات العراقية الاخرى وخلال الحقبة الممتدة من 2003 وحتى يومنا هذا عبث الوضع السياسي المضطرب والانحلال الامني بجميع الخطط والمشاريع المقترحة من الحكومات المتعاقبة لايجاد سبل حقيقية للبدء بمشاريع الاعمار في العراق واذا كان الارهاب هو التحدي الابرز والمعوق الكبير امام نجاح مثل هذه الخطط فان القضاء على العصابات الاجرامية وتحرير البلاد من شرورها اتاح الفرصة مجددا امام الحكومة العراقية للانطلاق مجددا بوضع الافكار والمقترحات السابقة موضع التنفيذ وماترشح من خلافات سياسية خلال الايام المقبلة ينذر بوجود محاولات لزج ملف الامن في هذه الخلافات وبالخصوص مايتعلق بملف الحشد الشعبي حيث تسعى دوائر سياسية مختلفة لترجيح رغبتها العارمة في استعمال ورقة الامن كورقة ضغط في المشاورات الجارية لتشكيل الكتلة الاكبر وفي انبثاق الحكومة وفي اختيار رئيس الوزراء من دون مراعاة للاوضاع الحساسة التي تمر بها البلاد حيث يتصاعد القلق من سعي بعض الاطراف لتوظيف النجاحات الامنية السابقة في ابتزاز اطراف اخرى مناوئة والاخطر من ذلك دفع بعض الجهات الاقليمية لاحزاب وجهات داخلية للمضي بهذا التوجه وعدم تقدير عواقب هذا التوجه على المستويين السياسي والامني بما يعطل الخطط التي جرى الحديث عنها لحل الازمة الاقتصادية واعادة اعمار المدن المحررة وتلبية حاجات المحافظات الاخرى التي تعاني من وضع سيء في مستوى الخدمات بشكل عام .
د. علي شمخي
تسييس الأمن ..!!
التعليقات مغلقة