حمقى .. قراطية !

يقول الفيلسوف الساخر برناردشو : (من عيوب الديمقراطية أنها تجبرك على الاستماع الى رأي الحمقى !).. من هنا يبدو أن الوقائع التي نشهدها ونعيشها كل يوم تثبت صحة ما ذهب إليه (شو) فعلا.. فالبعض يمارس حماقته على رؤوس الأشهاد مع سبق الإصرار والترصد، ليس بسبب حداثة التجربة الديمقراطية في بلدنا فحسب… وإنما بسبب المخلفات التي تفرزها هذه التجربة الحضارية في الدول النامية و(النايمة)، التي تتيح للغث والسمين ولكل من هبَّ ودبَّ أن يطفو على السطح في غفلة من الزمن أويتصدر المشهد السياسي أوالاجتماعي ، ويدلو بدلوه.. في القضايا التي لا يفقه فيها.. شئنا أم أبينا بغض النظر عن محتواه أو مستواه أو صلاحيته أو خطورته، ولعل الكثير من (المحسوبين) على المشهد السياسي والإعلامي هم أكثر طبقات وشرائح المجتمع إساءة للديمقراطية وتطبيقاتها، فبمجرد وصولهم الى سدة المناصب التنفيذية والتشريعية والتنعم والتمتع بخيراتها وامتيازاتها و(بركاتها) والتعايش مع أجوائها والتكيف معها.. فإنهم يعملون على تسخير كل الأشياء وفق ما يتناسب وطموحاتهم ورغباتهم ومصالحهم لكي لا يخسروها حتى لو اضطرهم ذلك الى قلب طاولة (الديمقراطية) على رؤوس من ينادي بها ويعمل على تطبيق آلياتها الصحيحة ومفاهيمها الحضارية، فكم من الخطايا تُركتب باسم الديمقراطية، ولعل ( شو ) وضع إصبعه على الجرح مرة أخرى عندما وصف أحد حمقى السياسة بقوله: (هو لا يعرف شيئاً ويظن أنه يعرف الكثير إذاً فهو يمتهن السياسة !). فالأحمق بلسان أهل اللغة والفصاحة هو “رجل قليل العقل فاسد الرأْي، يَحمُق لأتفه الأمور يأْتي بأعمال لا معنى لها.. فيُقال حمُقَ الرجل أي قلَّ عقله، فسد عقله” وقيل: لكل داء دواء يستطبُّ به.. إلاّ الحماقة أعيت من يداويها” وقيل أيضا: “أحمق من نعامة ” لأنها تحتضن بيض غيرها، وتُضيِّع مبيض نفسها.”
ومن مساوئ الديمقراطية أنها تتيح تسلل أمثال هؤلاء الى مواقع مهمة بفضل المحاصصة وشعار “الأقربون أولى بالمناصب ” !
وقد يشكّل ذلك خطراً يؤدي بتركيبة الديمقراطية الى الهاوية !
وأخيراً …وعندما همَّ الحاج أبو ربيع بدفع فاتورة شراء تلفزيون جديد عند أحد محال بيع الأجهزة الكهربائية… بادره البائع متسائلاً : حجي يمكن هذا رابع تلفزيون تشتري مني خلال هذا الشهر.. شنو عندك محل تلفزيونات وتبيع مفرد من ورانا ..؟ ضحك الحاج أبو ربيع وقال: “لا ابني .. آني متقاعد وهوايتي متابعة الأخبار والبرامج السياسية .. ولهذا أصرف تلفزيونات هواية”… فدفع الفضول البائع الى سؤاله:” أدري حجي يرحم والديك شنو علاقة الأخبار والبرامج بعدد التلفزيونات اللي تشتريها… تلفزيون واحد يكفي ” ضحك الحاج وقال: “وداعتك ابني كلما أشوف (برلماني) يتفلسف ويطلع بالفضائيات أكثر من تواجده بالبرلمان.. يفور دمي وبعد ما أتحمل, وما أشوف نفسي إلا شايل منفضة الجكاير وأضرب بيها شاشة التلفزيون وأكسرها !).

•ضوء
إن استمعت الى (الحمقى) فستضيع وقتك، وإذا جادلتهم.. فستخسر هيبتك، وإذا مشيت وراءهم فسوف تهلك !
عاصم جهاد

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة