الهم الاكبر !

في كل الديمقراطيات في العالم يستمد النظام السياسي قوته من وجود حكومة فاعلة تحظى بتصويت الاغلبية ومعارضة قوية تمارس دورها في مراقبة الحكومة والوقوف على اية انتهاكات للدستور والقوانين المرعية وتأخذ بلدان كثيرة بهذه الالية وهذا اللون من الحكم وتحظى مجتمعاتها بالاستقرار والاطمئنان وتتراكم خبراتها على مدى السنوات وتنضج قراراتها وقدرتها على التحكم بأية اهتزازات سياسية قد تواجهها مؤسسات الدولة واذا كانت التجربة العراقية قد اخذت كثيرا بمثل هذه التجارب العالمية من خلال اعتماد لجنة كتابة الدستور العراقي على نماذج متعددة من الدساتير واستلال عدد كبير من انظمتها التشريعية والتنفيذية واعادة صياغتها بما يلائم المجتمع العراقي وبما يحترم خصوصيته الدينية وتنوعه المذهبي والقومي فان الممارسات التنفيذية للأنموذج العراقي من قبل الاحزاب الحاكمة اصطدم باجتهادات فردية واداء قاصر وانتهاك واضح للدستور العراقي وباتت الاتفاقات بين الكيانات السياسية والتفاهمات الحزبية هي الطاغية على المشهد العراقي حيث يمارس ممثلو هذه الكيانات والتيارات اساليب ملتوية لا تنتمي الى الديمقراطية الحقيقية ومفاهيمها من اجل تشكيل الكتلة الاكبر والحصول على الاغلبية المطلقة وباتت المشاورات بين الاحزاب من اجل تشكيل الكتلة الاكبر تمثل هما كبيرا لدى ملايين العراقيين لانهم ادركوا من خلال الحكومات السابقة بان الالتفاف وعدم اتباع الشفافية وعقد الصفقات في الغرف المظلمة هي الوسائل المفضلة بين عدد كبير من هذه الاحزاب وان الاستفراد بمقاليد السلطة هو الهدف الاسمى لها وان الشعارات والخطب والتصريحات التي تتحدث عن السماح لمن لا يرغب بمشاركتهم مثل هذه الفعاليات البغيضة هي خدعة كبيرة ووهم يحاولون من ورائه اقناع العراقيين في الداخل والخارج بأن هذه هي الديمقراطية وان على الجميع احترامها متناسين ان تلك الخيارات هي ليست خيارات الشعب وان التزامهم بالدستور هو التزام منقوص وانهم يمارسون سياسة احترافية تستهدف توظيف مجموعة من القوانين وتفسيرها بالشكل الذي يتسق مع طموحاتهم بالاستحواذ على كل الفرص وترك الاخرين يدورون في حلقة مفرغة وتجريدهم من اية قوة سياسية لمواجهة هذه الاغلبية وهذه الكتلة الاكبر .
د. علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة