العراقي يتغير !

اثبتت التظاهرات والاحتجاجات والمسيرات التي تشهدها مدن العراق في الوسط والجنوب ان الوعي الجماهيري يتنامى باتجاه النضج وان الايمان بالديمقراطية يتغير باتجاه تحصينها وصيانتها مما لحق بها من ادران كما اثبتت هذه التظاهرات ان الشباب العراقي الذين يشكلون النسبة الاعم في هذا الحراك الجماهيري قادرون على التعبير عن دورهم من دون الاستعانة بتنظيمات مسيسة وان العفوية سمة بارزة وواضحة في مجمل التظاهرات التي تشهدها البلاد وفي الوقت نفسه عمقت هذه التظاهرات من الاحساس الوطني العالي بين ابناء المحافظات العراقية بان مصير العراقيين واحد وان لائحة المطالب وعناوين الشعارات التي تم رفعها في البصرة والعمارة والناصرية والسماوة لا تختلف كثيرا عن تلك التي رفعها ابناء النجف وكربلاء والديوانية وبابل والكوت وان بغداد تعاني مايعانيه الوسط والجنوب في مجال ضعف الخدمات وفي مجال فقدان فرص العمل وفي مجالات التفاوت الطبقي وشيوع الفساد بمظاهره المختلفة واذا كانت هناك من معالم تغيير في العراق الجديد مقارنة بالسنوات الاولى التي اعقبت سقوط الديكتاتورية فهي تتمثل بهذا الترابط الحي بين المتظاهرين واصرارهم على الاستمرار على الرغم من آلة الحديد والنار التي تواجههم وتتمثل كذلك بوحدة الهدف المشترك ونبذ الطائفية والمطالبة بابعاد المحاصصة الحزبية والسعي والحرص على كينونة التظاهرات وعدم السماح بمصادرة اهدافها الحقيقية وعدم السماح بركوب موجتها من قبل رموز سياسية او دينية بما يمكن القول ان العراقيين وعوا جيدا الاعيب واساليب الطبقة السياسية الفاسدة التي تحاول احزابها ان تنحو بالتظاهرات والاحتجاجات وتوجهها بما تريد او تحاول سلبها شرعيتها بالاتهامات الباطلة او العمل على اطفاء جذوتها باختراقها او بمواجهتها بالمزيد من القمع والتنكيل وكل تلك الممارسات اضحت مكشوفة ولم يعد العراقي المحتج والناقم والساخط يهابها وفي الوقت نفسه لم يعد يصدق بسلسلة الاكاذيب ولا بحزمة الوعود الفارغة التي تعرض امامه وان الاستجابة السريعة لرئيس الوزراء ولفريقه الحكومي الذي تم تشكيله من الوزارات المختلفة ستبقى تحت رصد واختبار الشارع العراقي وان الكثيرين من المتظاهرين ينظرون بعين الريبة والشك لما تم تقديمه من وعود بتلبية مطالبهم وثمة اتهامات وتشكيك بقدرة هذه الوعود على طمأنة المنتفضين امام الفيض الواسع من الحاجات والالتزامات المطلوب تنفيذها وفي النهاية فان اللجوء الى الحلول الترقيعية لن يعوض ابدا حاجة العراق الى مشاريع استراتيجية تنهي حقبة الظلم والالام وحقبة التهميش التي رافقت النظام السياسي الجديد وبقيت آثارها ماثلة امام ملايين العراقيين في كل يوم.
د. علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة