اليوم أصبح العراق ولأسباب عدة بلدا مستهلكا أكثر مما هو منتج، فالاستيراد بات الوسيلة الاسهل بالنسبة للحكومة والافراد، حتى وصل الأمر الى استيراد المواد الغذائية ومن جملتها التمر! في وقت يعد العراق أحد البلدان الرئيسة بزراعة النخيل وإنتاج التمور، لا بل ان الفلاح اليوم يشارك بتأسيس ثقافة التصحر من خلال بيعه لأرضه الزراعية لتحويلها الى ارض سكنية، بسبب قطع الدعم الحكومي له، واستيراد الأخيرة للمواد الأخيرة من دول الجوار.
ويجري ايضا استيراد الزيوت والصابون وكلنا نعلم ان مصنع الزيوت في بغداد ينتج ما يكفي لسد حاجة السوق وبنوعيات جيدة ان لم تكن ممتازة حسب العاملين في ذلك القطاع .
وانتشر قبل مدة على موقع الفيس بوك فيديو لشاب وهو يستعرض سرنجة طبية في المعمل الذي تتم صناعتها به، وكان امرا مؤسفا ان نشعر بأن هناك يدا خفية تريد الخراب لكل مصنع ومنتج عراقي، مع اننا بأمس الحاجة لان ننهض بالصناعة العراقية من جديد، ومن الضرورة ان نسعى لتطويرها بشتى الوسائل.
الفرد العراقي ليس أفضل حالا من المسؤولين بالحكومة، فبات هو أيضا يستسهل امر الاستيراد من مناشيء يظنها أفضل وأكثر تطورا مما يمكن ان يصنع في العراق، برغم انهم يحرصون على استيراد الاقل سعرا، وبالتالي الأقل جودة، سواء من الملابس او الالكترونيات، او حتى لعب الأطفال.
عدد من أصحاب الحرف ركنوا مواهبهم وحرفهم على رفوف علقت على جدران معامل وحولها جراء الكسل.
اليوم ، ولتعزيز حالة الكسل والركون الى الاستيراد بديلا عن الصناعة والخلق، انتشرت ظاهرة المولات المستنسخة، التي ازداد عددها خلال سنين عدة اضعاف، وبطبيعة الحال لن يكون بداخله معمل، او مصنع، انما مجموعة محال تحتاج الى تاجر واموال وسفر لاستيراد بضاعة معينة.
الوطن لا يبنيه افراد كسالى، فالتجارة لا تحتاج بالضرورة الى تخصص او حرفة. فالمال لوحده هو من يصنع من المرء تاجرا، بغض النظر عن نتيجة هذه التجارة ان كانت تخلق تاجرا ناجحا ام فاشلا، لكن متعة الانسان الحقيقية تكمن بما تنتجه يده، وبما يخلقه ويشكله هو.
الدولة العراقية مسؤولة امام المواطن للإجابة عن إهمالها عددا من المؤسسات والمصانع المهمة، والتي كانت فيما مضى أحد ركائز الاقتصاد العراقي، لذا فإن إعادة فتح ابواب بعضها، وتجهيز البعض الاخر بمكائن وأدوات تكنلوجيا حديثة، سيسهم بتوفير فرص العمل التي نحن بأشد الحاجة اليها ، وبالتالي تقليل عدد العاطلين ، مع الاخذ بعين الاعتبار ان البطالة احد أسباب التظاهرات القائمة اليوم في اكثر من محافظة عراقية.
أحلام يوسف
الصناعة والخلق.. دليل الحياة
التعليقات مغلقة