متابعة الصباح الجديد:
تسهم الأحافير التي يجدها العلماء والباحثون في معرفة تاريخ تطور الكائنات الحية على الأرض بشكل شبه مثالي؛ وذلك عن طريق رسم شجرة تطور الكائنات، ففي ظروف معينة، يمكن أن تتحول جثة الكائن الحي، صغيًرا كان أو عملاقًا، إلى أحفورة يتم حفظها بشكل جزئي أو كامل بين طبقات الصخور على مسافات متباينة من سطح الأرض أو في أعماق الأنهار والمحيطات.
في بعض الأحيان، يعثر العلماء والباحثون على أحافير أكثر تفردًا من الأحافير المعتادة لحيوان أو لمجموعة حيوانات، لقيت حتوفها بشكل طبيعي وحُفظت لأسباب طبيعية. وهنا تقرير عن أكثر الأحافير غرابة وتفردًا، والتي ربما كانت سببًا في تغيير نظرة العلماء لأحفورة كائن ما بنحو جذري.
عنكبوت يصطاد فريسته
بالقرب من إحدى أشجار الصنوبر بوادي هوكونج في ميانمار، وقبل 100 مليون عام، أقام عنكبوت شبكته وانتظر أن تدخل إليها إحدى الحشرات كي يتناول إفطارًا مغذيًا، وفي لحظة ما، دخلت حشرة سيئة الحظ إلى الشبكة، بينما كان العنكبوت يتجه إليها لقتلها والتهامها، اتخذت الأمور مسارًا آخر، لم يكن متخيلًا.
وجد العلماء أحفورة تحمل تفاصيل هذا المشهد بكامل تفاصيله، إذ عُثر على قطعة من الكهرمان؛ (الصمغ الذي تنتجه أشجار الصنوبر)، وبداخلها العنكبوت إلى جوار ضحيته، قبل لحظة من بدء عملية التغذية. وبحساب تاريخ الأحفورة، وجد العلماء أنها تعود للفترة ما بين 97 – 100 مليون عام، وقتما كانت الديناصورات تجوب الأرض وتحكمها.
القرش الأضخم في تاريخ الأرض
يحتوي فك القرش «ميجالودون» على 182 سنًا، وفي حال فتحه يمكن أن يبتلع مجموعة من البشر دفعة واحدة. وكان قرش ميجالودون، الأضخم على الإطلاق، قد جاب محيطات الأرض قبل 1.5– 25 مليون عام، ووصل إلى حجم حافلتي نقل ركاب، الأمر الذي مكنه من اصطياد الحيتان والكائنات البحرية الضخمة بكل سهولة.
جمع فيتو بيرتوشي، جامع الحفريات الهاوي، الأسنان الخاصة بهذا القرش التاريخي خلال عقدين من الزمان من شواطئ مدينتي كارولينا الجنوبية وجورجيا، وذلك قبل أن يموت في حادثة غطس عام 2004.
الفك الذي جمعه فيتو بعرض 11 قدمًا وارتفاع تسعة أقدام وهو محل شك بالنسبة لبعض علماء الحفريات، الذين يرون أن الفك الذي جمعه فيتو يحتوي على مجموعة من الأسنان الكبرى لقروش مختلفة، كما أن ترتيب الحجم التناقصي للأسنان بعرض الفك أقل مما يفترض أن يكون في الحقيقة. برغم من ذلك يظل الميجالودون هو أكبر القروش التي حكمت المحيطات في تاريخ الأرض.
ذيل الديناصور ذو الريش
لأول مرة في التاريخ يتمكن البشر من رؤية ذيل كامل لديناصور حقيقي، فهذه الأحفورة التي تعد واحدة من أكثر الأحافير تفردًا في تاريخ علم الحفريات، حسمت جدلًا طويلًا بين علماء الحفريات حول ما إذا كانت بعض أنواع الديناصورات تمتلك على أجسادها ريشًا مثل الكثير من الطيور التقليدية في عصرنا الحالي. تنتمي الأحفورة إلى فترة ما قبل 99 مليون سنة، وهي لذيل ديناصور مغمور بداخل قطعة من الكهرمان، وإلى جواره بعض أوراق الأشجار ومجموعة من النمل.
وإلى جانب الرؤية الحقيقية لذيل ديناصور حقيقي، مكنت هذه الأحفورة الباحثين لأول مرة، من تكوين فهم أكثر واقعية لطريق تطور تكوين الريش الخاص بالديناصورات، وكذلك القدرة على تكوين نماذج المقارنة مع الريش الخاص بالطيور في عصرنا الحالي، ومعرفة النقطة التطورية التي شهدت هذا الانفصال في تكوين الريش، وبالتالي تخمين الوسائل التي تمكنت من خلالها بعض الأنواع من الطيران.
أحفورة فيلوسيرابتور وبروتوسيرابتور في أثناء القتال
في عام 2011، عثر مجموعة من علماء الإحاثة (الأحياء القديمة) في الصين على حفرية شديدة الغرابة تمثل لحظة ولادة «إكتيوصور» لصغارها. إذ وجد العلماء أحد الصغار تحت جسد الإكتيوصور الأم، بينما هناك صغير واحد في الأقل داخل الرحم، في حين كان صغير ثالث في منتصف طريقه للخروج من الرحم عندما حدث أمر مأساوي أدى إلى مقتل الأم وصغارها وحفظهم جميعًا داخل طبقات الصخور.
والإكتيوصور من المفترسات التي حكمت البحار قديمًا في عصر الديناصورات، وكانت بجسدها الممشوق والمصمم للسباحة السريعة والمناورات من أكثر الزواحف التي استطاعت النجاة في ذلك الوقت، ويصل حجم الفرد البالغ منها إلى حجم الحافلة، علاوة على امتلاكها لأسنان حادة ومتراصة بشكل مثالي أسفل عينين واسعتين لرؤية أوضح تحت المياه، إذ عاشت هذه الزواحف في العصر الترياسي قبل 247–251 مليون عام، وقد تطورت عن الزواحف الأرضية التي انتقلت إلى المياه بعد ذلك.
وتُظهر هذه الحفرية أن زواحف ذلك العصر كانت تحمل الأجنة الكاملة، وليس البيض كما كان يعتقد العلماء تشابهها مع زواحف العصور الحالية.