با لهكذا سياسة !

غالبا ما ينصحني البعض من أصدقائي المخلصين بخوض غمار السياسة !! . وعندما أسألهم أن يشرحوا لي ما هي السياسة ؟ وكيف يتحول الانسان العادي الى سياسي ناجح ؟. أراهم يلفون ويدورون ويخوضون نقاشا لا أفهم منه شيئا . فأضطر أن أطلب منهم تدوين ما يريدونه مني كتابة حتى أحفظ ما يريدون ، ولكي أغير قناعاتي ونمط حياتي وأتحول الى سياسية ناجحة وفق منظورهم . وفعلا تلقيت العديد من الرسائل التي تحمل نصائح وآراء ووجهات نظر مختلفة تساعدني على حد زعمهم بأن أكون سياسية محترفة .
وبعد تحقيق وتدقيق وتمحيص ، توصلت الى قناعة مؤكدة بأنه لكي أكون سياسية ناجحة وفق منظور هؤلاء السادة ، يتوجب علي أن ألتزم بالمباديء التالية :
– أن أصافح كل اولئك الذين لايستحقون مني المصافحة !.
– أن أجلس وأرتشف القهوة مع كل أولئك الذين إنتقدتهم أوعارضتهم سابقا !.
– بعد كل مقال إنتقادي أنشره، يجب أن أعقبه بتوضيح أبين فيه بأن هدفي من المقال لم يكن كذا وكيت، بل كان هدفي كذا وكذا، أي أن أبرر المواضيع التي طرحتها بعكس قناعاتي الشخصية!.
– أن أكتب بصفحتي الشخصية في الفيسبوك رأيا محددا، ثم أخالفه في لقاءاتي الصحفية! .
– أن لا أتطرق الى هموم ومشاكل الناس لكي أبعد عن نفسي عداء الحكام الفاسدين !.
– أن أحلي بين حين وآخر أفواه السادة مسؤولي الصحف والمواقع والقنوات التلفزيونية لكي أتقي شرورهم !.
– أن أصور السيلفي مع أولئك الذين كنت أنشر غسيلهم في يوم ما !.
– أن أصب جل إهتماماتي لدعم القنوات المعادية والظهور فيها !.
– أن ألعب على الحبلين مع كل من حولي !.
– أن أمتنع عن ذكر الأسماء في مقالاتي وتصريحاتي !.
– أن أتوقف تماما عن إنتقاد أي حزب أو رئيس أو نائبه، وكل أعضاء القيادات والمسؤولين وأفراد عوائلهم، وأن لا أنتقد أداء أية حكومة أو وزارة أو مؤسسة أو منظمة أو مكتب أو مركز حكومي أو حزبي !.
– أن أعمي بصيرتي عن رؤية الأخطاء، وأتغاضى عن الجرائم وعن كل أشكال الظلم وفقد العدالة وإنعدام المساواة
– حين أريد الذهاب بزيارة الى موقع ما، يجب أن أضمن نقل الآلاف من أنصاري الى ذلك الموقع بالباصات، وأحشدهم للتصفيق والهتافات!.
– حين أقول بأن الحليب لونه أبيض، فإني بقرارة نفسي أقصد أن لونه أسود قاتم
– عندما ألتقي قياديا سنيا يجب أن أكون سنيا حتى النخاع، وعندما ألتقي شيعيا يجب أن أكون شيعيا من أهل البيت، وأكون أيرانيا مع الايرانيين، وتركيا مع اردوغان ورهطه، وأن أمسح أكتافهم، وأشاغب على هذا وأركع أمام ذاك !.
– ينصحونني بأن لا أكشف أوراقي أمام أحد أو أتحدث عن مخططاتي لأحد !.
– يقولون بأن السياسي الناجح يجب أن يمتهن فن التلاعب، وأن يدرك بأن الزمن تجاوز مرحلة المباديء، ويقولون لكي تكون سياسيا ناجحا يحسب له الحساب، عليك أن تضع النفط مقابل الدم، والحرية مقابل الخبز
– يقولون بأن أم السياسة هي المال، وأن أباها هو السلاح والقوة !.
– ويقولون بأن النضال القومي لم يعد له وجود في عالم السياسة المعاصر !.
وأنا أرد على كل هؤلاء وأولئك بالقول « إذا كانت هذه هي السياسة، فتبا لهكذا سياسة» !!
شاناز ابراهيم أحمد

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة