متابعات الصباح الجديد
في آذار (مارس) 2018، وتحديدًا في ذكرى ميلاد الشاعر محمود درويش، التي باتت يومًا للثقافة الفلسطينية، اختير الكاتب والصحافي الفلسطيني حسن البطل شخصية العام الثقافية، وبعدها بأقل من شهرين صدرت مجموعته الرباعية عن دار «الرقمية» للنشر في رام الله بالتعاون مع وزارة الثقافة الفلسطينية.
وتوزعت كتبه التي ضمت مقالاته على أربعة عناوين: «وأنت يمشيك الزمان» وقدم له رئيس تحرير جريدة «الأيام» أكرم هنية، و»حيرة الولد بهاء» وقدم له الكاتب حسن خضر، و»المكان الشيء إن دل عليّ» وقدم له الشاعر عامر بدران، و»رحلوا وما برحوا» وقدم له الكاتب والشاعر زكريا محمد، فيما كتب وزير الثقافة الفلسطيني إيهاب بسيسو مقدمة عامة تضمنها الجزء الأول من الرباعية.
وأشار بسيسو في كلمته إلى أن «حضور حسن البطل يتجاوز المفهوم الضيق للفعل الثقافي إلى صورة المثقف الأكثر اتساعًا من تعريف محدد، فهو امتداد لسيرة وحياة.. وحين نعلن حسن البطل شخصية العام الثقافية للعام 2018، فإننا نقدم شهادة واسمًا من أسماء الحكاية لجيل جديد من أبناء فلسطين، علّنا بهذا نهزم صمت الخزان ونحن نقرع جدران العزلة كي يطل الغد من بين أصابع الشباب وهم يستندون في مسيرتهم لسيرة المناضلين الأوفياء».
ومما كتبه أكرم هنية في تقديم المجموعة الأولى من المقالات: «… نجح حسن البطل في الامتحان الأصعب: كتابة عمود يومي… مقروء. ونجح في أن يرتقي بفن كتابة العمود إلى آفاق غير مسبوقة في الصحافة الفلسطينية، والعربية أيضًا. أنقذ البطل عموده من الانزلاق إلى رتابة التعليق السياسي الجاف، أو الوقوع في شرك الجمل التقليدية أو الغرق في طوفان الإطناب والتزيد ثقيل الوطأة. وبموهبته المتوجهة كان البطل ينجح في كل صباح وعلى مدى 23 عامًا في أن يقدم لقارئه ما يبدو، وهو ذلك حقًا، جديدًا ومشوقًا وأنيقًا ومفيدًا…».
ووجد حسن خضر في حسن البطل «مدرسة في الكتابة. وفي كتابته يتجلى ما ينجم عن تضافر موهبة أصيلة مع وطنية صادقة، من تحيّز وانحياز إلى كل ما يرى فيه مصلحة فلسطين وأهلها».
وقال عامر بدران عن البطل «لقد استغنى عن ثرثرتنا اليومية، عن هتافنا وتشجيعنا، عن أبواق سياراتنا وأبواقنا، وعن كل ما هو زائد وغير ضروري، وذهب بكامل إرادته إلى المساحة الأجمل من المنتج البشري، مساحة المكتوب والموثق».
ووصفه زكريا محمد بأنه «باني سيناريوهات كبير. حياته كلها محاولة لا تهدأ لبناء سيناريوهات لحل القضية الفلسطينية، لا يستطيع أن يعيش من دون ذلك»، وأشار إلى أن البطل «في حياته الخاصة أسطورة تحد شخصية. أما في حياته العملية فهو ممثل مرحلة بكاملها».
كتب البطل في رباعيته عن طفولته، والنكبة، وبيروت التي عاشها وعاشته أيام الثورة و»فلسطين الثورة»، وعن الانتفاضة الثانية، وعن الداخل الفلسطيني الذي عاشه في رحلات متفرقة أو مجتمعة أحيانًا، في مرحلة ما بعد أوسلو، وعن شخصيات كثيرة.
وفي تقديمه لرباعيته كتب البطل: بين سن الثالثة والرابعة يحصل «فطام» بين ذاكرة غريزية وأخرى مكتسبة. كنت في هكذا عمر لما بدأت حقبة منفى دامت قرابة 48 سنة، كانت خلالها البلاد، ومسقط الرأس بالذات، كالحلم الذي في اليقظة، أو «رؤية القلب». هذه النصوص، وجميعها رؤية أولى بمنزلة مذاق المرات الأولى لرؤية المكان في مكانه من البحر الميت وأريحا إلى بحر حيفا، ومن بحيرة طبرية إلى صحراء النقب، ليست نصوصًا سردية، لكنها أشبه بضربات ريشة بعد كل رؤية لتفاصيل المكان الفلسطيني. هي جمع مقالات نشرت في أوانها، في زاوية «أطراف النهار» بجريدة «الأيام»، شأنها شأن ضربات ريشة عن العلاقة بين قوة المحتل ومكر وصبر الخاضعين للاحتلال.
وتساءل حسن البطل: ما سر الحنين إلى مسقط الرأس؟ هل يسجل حديد الدم إحداثيات المكان، لذا هذا الشعور الغريب بالراحة عندما تعود/ تزور مسقط الرأس.. المكان يمشي في المكان إلى المكان.. وأنت يمشيك الزمان. رأيت رؤية القلب. رأيت رؤية العين. وبين رؤيتين تراودني «رؤية».
*عن موقع ضفة ثالثة