عادل عبد المهدي
وزير النفط السابق
بعد اعلان المفوضية النتائج النهائية للانتخابات في 17 ايار الماضي، واعلانها في 27/5/2018 عن سلامة اجراءاتها والتدابير التي اتخذتها في التعامل مع الشكاوى، وطنياً وفي مناطق محددة كـ كركوك والسليمانية او بعض المحطات، او فيما يخص التصويت في الخارج او الخاص، او عمليات العد والفرز اليدوي وغيرها، وان 31/5/2018 سيكون اخر موعد للهيئة القضائية للانتخابات لتسلم الشكاوى لكي تقوم بالبث فيها، قبل ان يتسنى ارسال النتائج النهائية الى المحكمة الاتحادية للمصادقة النهائية. ليبدأ العد التنازلي، الذي يقضي بان يعلن رئيس الجمهورية دعوة مجلس النواب خلال 15 يوماً قابلاً للتجديد مرة واحدة، حينذاك على الكتل السياسية ان تنهي مشاوراتها، لان انتخاب رئاسة مجلس النواب سيرتبط باختيار رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، الخ. صحيح ان هذه السياقات قد اضطربت، بسبب تأخر اعلان النتائج، وكثرة الشكاوى والضغوطات، واتخاذ مجلس الوزراء ومجلس النواب سلسلة قرارات اعترضت عليها رئاسة الجمهورية، واحيل الامر الى المحكمة الاتحادية للبت فيه. فانهاء هذه المسألة بات اولوية، وإلا ستدخل البلاد في دوامة لا تحمد عقباها.
سنفترض ان الامر سيحل هذه الايام، لتعود السياقات الى مجراها بعد تصويب ما يجب تصويبه. فاذا ما تحقق ذلك فسنكون على موعد في نهاية الشهر او بدايات تموز لاجتماع مجلس النواب وموضوعة الكتلة النيابية الاكثر عدداً، والبدء باجراءات الرئاسات والحكومة القادمة. فالكتل تجري المفاوضات، وهناك عقبات وانفراجات تظهر على السطح. والامر الذي يطرحه الاعلام يركز على محورين اساسيين:
1- محور تبدأ خطواته الاولى من «سائرون» و»النصر» و»الحكمة». ولأن القوائم الثلاث تمتلك بالنتائج الحالية للانتخابات أقل من 120 مقعداً، فستكون نحتاج لنحو 50 مقعداً لانعقاد الجلسة الاولى وانتخاب رئاسة مجلس النواب، ولنحو 100 مقعداً للحصول على الثلثين المطلوبة لانتخاب رئيس الجمهورية في الجولة الاولى. لكن ما هو اصعب من الارقام هو مواقف بقية القوى، وكيف ستخوض المفاوضات، وهل ستعطي صكاً على بياض، ام ستكون لها مطاليب ومواقف قد يصعب تلبيتها. لنعود الى ضغوطات وممارسات الدورات السابقة.. ووجود «فيتوات» على هذه القائمة او ذلك الشخص، مما يعرقل المفاوضات وانسيابيتها.. اضافة الى ان العديد من الكتل اعلنت مراراً ان مسألة المنهاج ستكون ضرورية لها، فهل ستضحي به من اجل تشكيل الحكومة، ام ستتمسك به، وهو ما سيضع امام المفاوضات المزيد من الصعوبات.
2- محور يبدأ من «الفتح» والقانون» و»النصر». وفي الحقيقة لن تختلف صعوبات هذا المحور عن المحور الاول لا من حيث الارقام ولا من حيث التفاهمات.
وخارج هذين المحورين ستبقى الصعوبة الاكبر –في ظل الظروف الراهنة- في إبعاد أي من «سائرون» او «الفتح»، تماماً كصعوبة إبعاد القوائم الكردية او «السنية» الكبيرة، ذلك اللهم الا اذا شهدنا نزعة للذهاب الى «المعارضة»، وهو امر لم نتلمس له استعدادات كبيرة، حسب تقديرنا في الاقل. فقد لا يكون هناك من طريق للخطوة الاولى الا بوجود «سائرون» و»الفتح» بين القوى المبادرة، ليس فقط لاعتبارات العدد الكافي المطلوب للاستحقاقات الدستورية، بل حتى لحل العُقد ولتوفير التوازنات السياسية المطلوبة، داخل القوائم وفيما بينها. بل هو ضرورة حتى للتوازنات الاقليمية والدولية التي ستلعب امام الستار او خلفه دوراً مهماً، تسهيلاً او تعقيداً. لهذا نقول بان هذا الامر بقدر ما يطمئن ان البلاد قد تشكل حكومتها سريعاً، لكنه يشير بان العملية السياسية وقوانين الاحزاب والانتخابات لم تنجح بعد في الدفع باتجاه سياقات يمكنها ان تفرز قوى منسجمة تجتمع حول منهاج وبرنامج عمل واضح لحكومة ناجحة، تشكل اغلبية سياسية على صعيد الوطن كله، لتقابلها اقلية سياسية على صعيد الوطن كله. فاذا كانت الانتخابات لن تقدم تقدماً ملموساً في المحاصصة، او حتى في مقدمات الحكومة الناجحة، لكنها كسرت في الاقل من الكثير من عوامل الاحتكار والتمترس الطائفي والاثني.
الانتخابات .. دوامة وفوضى، أم حكومة بعد العيد؟
التعليقات مغلقة