الهواء منتشيا.. يشف ويترقرق كفجر أول وساقية غبوق في هديل يمامة من ياقوت (ملأ الارجاء بنداء الغرام)..
تسرف في حرير نعاسها تصغي وراء الافق الى تشكل اول الرائحة والمذاق في نعمة الخلق الذي بدأ قرنفلة بعد اخرى، وبزوغا بعد بزوغ بالتنزل على أرض يحولها الصوت الجديد الخلاق الى سماء ثانية يولد فيها صوت الله.. العدل.. الجمال.. الحق صوت الاغنية الموقظ المغير.. المفتوح على فرح الوجود المطلق.. والخارج للناس ببشرى الحب والحب والحب، فالنبوة الحقة غناء يتجلى فيه وجه الحق والمحبة والعذوبة، لا وجه السيف .
وحتى السيف ان جاء في الاغنية فهو سيف الورد والشوق الذي يزين الحياة ويحييها.. لا ليغزوها، ويسبي كائناتها… أو ينحر البريء ويقطع يد الذي اراد ان يسرق لحظة حريته ورغيفه المسروق .
هكذا ينشيء عالما جديدا بطاقة الغبطة والمسرة والالهام، وحلم عناق المستقبل يبدعه الخلاقون بصوت إلهي يأخذ بيدنا الى منبع الفرح والنشوة وبياض الفطرة.. يأخذنا الى جنة المشتهيات الملونة بثمار صوت الحق، صوت الاغنية التي تجتمع فيها – كما الانهار – القلوب التي فرقتها كراهية الملل والنحل.. وأيدلوجيات الظلام
من هنا فإن الاغنية جوهر وجودي تتوحد في معناها وموسيقاها الكائنات الحية (بشرا ونباتا وحيوانات وانهارا) .. ويلتقي فيها الوراء والماوراء.. الحزن والمسرة.. الحسرة والشوق .
خالقو هذه الوحدة هم الخلاقون الحقيقيون الذين يمنحون الحياة مبررها الأول، وكنهها الذي لا ينتهي .
“بيس بغداد” احتفى مشكوراً بأحد هؤلاء الخلاقين (طالب القره غولي).. متخطياً ونحن معه بعض التباسات الموقف الذي فرضته الوقائع الجائرة على حياة الفنان المنذور للحب وزرقة البحر وايقاد شموع القلب لقدوم الحبيبة – كائن الاعجاز والياسمين .
تحية بيس .
تحية طالب القره غولي .
رياض النعماني
في ذكرى طالب القره غولي
التعليقات مغلقة