(مواجهة المقاتلين الأجانب والدعاية الجهادية)
يتناول هذا الكتاب تعريف الإرهاب وقضية المقاتلين الأجانب، وتنقلهم ما بين دول أوروبا ـ وسوريا والعراق، لغرض القتال إلى جانب داعش هناك أو تنفيذ عمليات إرهابية في دول أوروبا والغرب.
وناقش الكاتب درجة تهديد المقاتلين الأجانب إلى الأمن القومي لدول أوروبا بشتى درجات خطورة المقاتلين العائدين، مع تفصيلات وإحصائيات عن أعدادهم وخلفياتهم وطرائق التجنيد وأسباب التجنيد ودول تواجدهم بنحو بيانات واستقصاء وبوابات العبور إلى سوريا والعراق عبر تركيا.
ولأهمية الكتاب تنشر ” الصباح الجديد” فصولاً منه.
الحلقة 55
جاسم محمد*
سياسات توافقية واستخبارية مع داعش ـ الفصل الرابع
واشنطن: أغفال رأس داعش وتركه يتمدد
داعش : الردع العسكري السريع بات ضروريا
أظهر تسجيل مصور بثه تنظيم “دولة داعش” على موقع مشاركة مقاطع الفيديو يوتيوب يوم 16 فبراير 2014 بإعدام 21 قبطياً مصريا مختطفا ذبحًا في ليبيا. العملية الارهابية هذه جاءت بعد توسع تنظيم داعش في ليبيا في سبتمبر 2014 الى مايقارب تسع مدن ليبية ابرزها “ولاية” “درنه وسرت” اما انصار الشريعة فهي تتمركز في بنغازي وجماعة فجر ليبيا في الوسط والغرب و تاتي مخاطر درنة بقربها من مصر.
تناقض خطاب داعش
• إن الضحايا هذه المرة، كانوا من المصريين الاقباط اللذين كانوا في ليبيا بحثا عن الرزق في اعقاب المشكلات الاقتصادية في مصر، لكن تتظيم داعش اتخذ من الضحايا المصريين رسالة يخاطب بها ايطاليا والغرب! وهو مايمكن وصفه بأنه تناقض في الخطاب.
• الفيديو، يعيد الى الاذهان طريقة التصوير الفنية وطريقة عملية الذبح التي تعكس بشاعة هذا التنظيم.
• إن تمتع تنظيم ليبيا بفريق عمل اعلامي بنفس قدرات التنظيم في العراق وسوريا تثير الكثير من التساؤلات وتدفع المراقبين الى اعادة تقييم قدرات التنظيم الارهابي من جديد.
• التنظيم اطلق خطابه باللغة الانكليزية من اجل إستقطاب مزيد من المقاتلين خاصة من الاجانب
• الصور البشعة التي تضمنها اليو تيوب تشبع غرائز افراد متوحشة تناصر التنظيم وتصعد من تدفقهم للالتحاق بهذا التنظيم الارهابي.
اليوم تشهد ليبيا مشهد استنساخ نسخة التنظيم والتي تتضمن فرض تعاليمه والفتاوى على اهالي “درنة” والتي من المقرر ان تشهد توسعا الى المدن الاخرى ان لم يكن هنالك عمل عسكري على الا رض ضد التنظيم. الخطر لم يعد انتظار اصدار قرارات جديدة من الامم المتحدة ـ مجلس الامن ولا قرارات من مؤتمرات قمة خاصة بالارهاب.
ظهور داعش بهذه الصورة في ليبيا:
• تعتبر قفزة كبيرة للتنظيم من الناحية الاعلامية ومن ناحية اللوجستية، كون ليبيا تمثل خزان بشري، مقاتلين للتنظيمات “الجهادية”.
• إن توسع داعش في سيناء وفي ليبيا، يعطي للتنظيم فرصة للتخفيف عن الضغوطات عن معاقله الرئيسية، في العراق وسوريا، التوسع.
• عدم كشف رؤوس التنظيم وضربها وهذا يعني انه بات متوقعا ان ينفذ التنظيم عمليات مشابهة في جبهات جديدة.
رد فعل حكومة مصر
وجهت مصر، فجر يوم 16 فبراير 2015، ضربة جوية لأهداف تابعة لتنظيم “داعش” في ليبيا، وذلك عقب ساعات من بث التنظيم الإرهابي لمقطع فيديو يظهر فيه عدد من عناصره وهم يذبحون 21 قبطياً مصرياً كانوا قد خطفوا مؤخراً في ليبيا، مما دفع بالرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، إلى توعد القتلة بالاقتصاص منهم “بالأسلوب والتوقيت المناسب”.وبحسب بيان صادر عن الجيش المصري، فقد استهدفت ثمان ضربات جوية معسكرات ومناطق تمركز وتدريب ومخازن أسلحة وذخائر للتنظيم الإرهابي في درنة الليبية.
بيعة “مدوا الأيادي لبيعة البغدادي”
حصل تنظيم داعش خلال شهر نوفمبر 2014 على بيعة جماعة جديدة في “درنة” تمت في احدى ملاعب كرة القدم تحت اسم”مدوا الايادي لبيعة البغدادي” لتكون علنية واعقب ذلك تسيير اكثر من خمسين سيارة رباعية الدفع في شوارع “درنة”. المكنى البغدادي، زعيم داعش سبق ان اوفد السعودي الجنسية ” ابو حبيب الجزراوي” للحصول على البيعة وتم تعيين يمنيا الجنسية”أبو البراء الازدي” واليا الى درنة وتعين السعودي” أبو حبيب”مفتيا لها. إن علاقات داعش في ليبيا وبقية الجماعات “الجهادية” كانت قد شهدت تصعيدا في اعقاب سبتمبر 2014، تأريخ انطلاق التحالف الدولي ضد داعش. أهمية درنة تأتي من قربها الى مصر وتهديدها الى لامن هناك. يشار ان احد مقاتلي داعش من المعنيين بالفتاوى الملقب” تركي البنعلي، يعتقد انه بحريني الجنسية، قد اصدر كراس على ضرورة اعطاء البيعة الى البغدادي، الاخير اتخذ خطوة استباقية بأرسال مندوبين عنه الى التنظيمات في مختلف دول العالم ابرزها طالبان وشمال افريقيا، المغرب الاسلامي والهند واسيا الوسطى. التنظيم نجح بتوظيف التحالف الدولي لكسب بيعات ومقاتلين جدد رغم الجرائم البشعة التي ينفذها.
مختار بالمختار
هو جزائري يعرف بلقب الاعور، وكذلك خالد ابو العباس، من الجيل الاول الذي قاتل في افغانستان بعد احداث 11 سبتمبر 2001. انشق عن تنظيم القاعدة في المغرب العربي الذي يتزعمه وتم عزله عام 2012، ليؤسس كتيبة” الموقعون بالدم”. الاعور كان متورطا في عملية “أميناس” الارهابية التي استهدفت خطف وقتل رهائن اجانب عاملين في مجال الغاز والنفط. المختار متورط باعمال تهريب وقتل في صحراء النيجر وارتبط في “الجهاد في غرب افريقيا، مالي تحت اسم “المرابطون”. بعض التقارير رجحت ان تكون جماعة “درنة” هي بمختار المختار، التي تبحث عن فرصة جديدة للظهور بعد عزله من تنظيم المغرب الاسلامي بزعامة عبد الملك دوركال.
أغفال اميركي لتدهور الأوضاع في ليبيا
حذرت صحيفة واشنطن بوست في 13 فبراير 2015 من خطر تحول ليبيا إلى نسخة مشابه لأفغانستان، حيث يتوقع أن يكون بوسع الجماعات الارهابية ان تنفذ سياستها على غرار ما يحدث في سوريا. ولم تغفل الصحيفة حقيقة تأثير حالة الفوضى وانعدام الأمن التي تعيشها ليبيا على دول الجوار وفي مقدمتها مصر، التي تبذل من جانبها جهودا حثيثة بغية منع وصول ذلك العنف لأراضيها. كما لفتت الصحيفة إلى تقصير الغرب في الدور الذي كان من المفترض أن يقوم به لضمان نشر الاستقرار في البلاد عقب مساعدته الثوار الليبيون على الاطاحة بنظام معمر القذافي. واستهجنت الصحيفة موقف الغرب الراهن، الذي لم يعد مكترثاً بكل ما تشهده ليبيا من أحداث.
مايحث الان في ليبيا هو تقارب الجماعات “الجهادية” في ليبيا بمختلف مرجعياتها التنظيمية لمواجهة الضربات الجوية للتحالف الغربي ضد داعش وهي استراتيجية داعش لتخفيف الضغوط عن معاقله في سوريا والعراق. العملية كانت تستهدف الدولة المصرية اكثر من ايطاليا ودول الغرب، رغم ان الرسالة جاءت بالانكليزية واشارة الخطاب الى ايطاليا. يشار بأن ايطاليا لا يتجاوز عدد مقاتليها الاجانب التنظيم الخمسين مقاتلا وتشترك ايطاليا بالتحالف الدولي ضد داعش. المشكلة ان مصر تقاتل بمفردها التنظيم في سيناء مع دعم من دولة الامارات والمملكة السعودية، ومامن دولة الان في العالم تقاتل الارهاب بمفردها. ماتحتاجه مصر ودول المنطقة ان تقاتل الارهاب باستراتيجية محلية اقليمية ولا تحتاج مزيدا من شرعنة القرارات ومؤتمرات قمة، كون الارهاب اصبح واضحا ولم يعد يهدد المنطقة بشكل مباشر لكن في نفس الوقت لا توجد دولة اليوم بمنأى عن الارهاب. الخيار العسكري السريع بات مطلوبا قبل معالجة الارهاب جذريا خاصة على معاقله في العراق وسوريا، اما ترك رأس التنظيم يعني تمدده في مناطق اخرى . داعش اليوم تحولت الى لاعب كبير في المنطقة ومازالت فاعلة رغم تعدد التحالفات واجتماعات القمة.
استراتيجية أوباما للامن القومي جاءت متأخرة
استراتيجية اوباما الجديدة تعطي ظهرها للشرق الأوسط
أتسمت سياسة اوباما في المنطقة بالتردد وعدم الوضوح، واصبحت تمثل ردود افعال للتنظيمات “الجهادية “والحكومات والاحزاب المارقة بالمنطقة، امام تراخي قبضة اميركا في المنطقة والتي اثارت الكثير من التساؤلات حول حجم علاقة اميركا مع حلفائها ومستقبل هذه العلاقة، فالإرهاب تصاعدت وتيرته في المنطقة وبدأت دول تنجر الى دوامة الفوضى وتضاف الى قائمة الدول الفاشلة امام تغاضي اميركي.
طلب أوباما تفويضا يوم 11 فبراير 2015 من الكونغرس على شن حملة عسكرية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية تستمر لمدة ثلاث سنوات. لم يضع مشروع القرار قيودا على نشر القوات الأمريكية لمطاردة مسلحي “الدولة الإسلامية” لكنه يحظر تنفيذ “عمليات قتالية هجومية مستمرة. ولم يصوت الكونغرس بشكل رسمي على استخدام القوة المسلحة منذ عام 2002 عندما مرر أعضاؤه قرارا بإرسال القوات المسلحة إلى العراق. ولم يصوت الكونغرس بشكل رسمي على استخدام القوة المسلحة منذ عام 2002 عندما مرر أعضاؤه قرارا بإرسال القوات المسلحة إلى العراق. يكشف البيت الأبيض عن الخطوط العريضة لاستراتيجية الأمن القومي للرئيس الأمريكي أوباما للفترة الرئاسية المتبقية. ويتوقع أن تكون مواجهة داعش وعزل روسيا والأمن في آسيا والمحيط الهادي وزيادة ميزانية البنتاغون ابرز ما في خطته. وأوضح بينر رئيس مجلس النواب، قائلاً: “لم أرَ بعد استراتيجية من شأنها إنجاز المهمة” في محاربة داعش.
* باحث عراقي، مقيم في المانيا، متخصص في مكافحة الإرهاب والاستخبارات
و الكتاب صادر عن دار نشر وتوزيع المكتب العربي للمعارف – القاهرة