في رمضان : البصرة تفطر على الشعر

حبيب السامر

على موعد من الشعر، في جلسة ابداعية مغايرة كانت خيمتها المحبة ،وعنوانها القصيدة. ضيّف اتحاد الادباء والكتاب في البصرة ثلاثة شعراء ، ينتمون الى جيل واحد ، بتجارب واعية ومتقاربة ،يتمتعون بصفاء المفردة وسهولتها ،لكنهم يختلفون كثيرا لو تمعنا في نصوصهم ، لكل واحد منهم سمة تميزه عن الآخر، انهم كاظم اللايذ ،فوزي السعد ،علي نوير، (تجربة وقراءات شعرية )،ضمن برنامجه الإحتفائي بالتجارب الإبداعية المميزة في المدينة والتي أُقيمت في قاعة محمود عبدالوهاب في الاتحاد.
وفي مستهل تقديمه قال الشاعر احمد العاشور الذي ادار الجلسة :
البصرة مدينة صحت على الشعر ولكنها لم تنم على ايقاع نغماته ولم تغف على رتابة مفردات الشوق والحنين فيه ،بل قاد سيد الشعر في البصرة بشار ابن برد , التحول في الحساسية الشعرية العربية فلم يقبل ما تغرده عليه قريحته ، بل ذهب الى مغارس الفطن ومعادن الحقائق. ولم يعد الشعر عنده هاجس التعبير وإنما هو كيفية التعبير انه التجاوز المستمر والتطلع الى آفاق أكثر إتساعا .
وهكذا كان للبصرة شعرها الآخر , شعر الكشف عن الحقائق وتلاه البصريون حتى وصلنا الى الرائد الكبير بدر شاكر السياب .
وشعراؤنا اليوم هم نتاج هذه المدينة التي غيرت النظرة الى الشعر .
ففي جلسة متميزة ،وضمن نشاطاته الاسبوعية نحتفي بكوكبة من الشعراء الذين وضعوا بصمتهم اللامعة في سماء الشعر العراقي الحديث .
بعدها بدأ الشاعر كاظم اللايذ بالحديث عن تجربته مستذكرا عدد من المدرسين الذين تركوا بصمتهم عليه ،ثم قرأ مجموعة من قصائده ومنها:
• بالأدوية .. أفتتح نهاري
وبالأدوية أغلِقُهُ
مثلما يغلق حانوتي
دكاناً على بضائع كاسدة.
*
أقفُ خلف الصفوف
مخبئاً رأسي
لكي لايلمحني عريف الحفل..
العرفاء المتلمظون.. أعدائي.
*
يسمونه الزهايمر
أنزل من الباص
لا أتذكر..
ان كنت دفعت اجرة السائق أم لا ؟
و تحدث الشاعر فوزي السعد عن تجربته واهم المحطات التي صادفها ،ثم قرأ بعض قصائده ومنها:
• قدْح
هل يحتاج الجسرُ الى جسر
كي يعبرَ الى الضفة الأخرى
والوردة هل تحتاج الى عطر
كي تتعطر في استقبال أنوف العشاق
هل يحتاج الماءُ الى ماء
كي يشربَ منه الماء الظمآن
الشاعر وحده
يحتاج الى من يقدح
فيه الحجر النائم
كي ينهضَ مشتعلاً
يتفجر كالبركان.
واوضح الشاعر علي نوير ان تجارب الشعراء تكاد تتشابه، ثم قرأ مجموعة من قصائده ومنها هذه القصيدة:
القارب
ذات مساءٍ بعيد
ذهبتُ الى النهر وحيداً
رأيتها هناك
ركبنا القاربَ معاً
إنحدرنا جنوباً بمجذافَين
الآن
مازلنا في القارب ذاتِه
إلّا أنّنا
كلّما التفتنا الى الخلف
نرى مزيداً من المجاذيف الصغيرةِ المُلوّنةِ وراءنا
ترفرف على سطح الماء
بامتداد النهر .
شارك في نهاية الجلسة ضمن فقرة المداخلات، عدد من الادباء :
• الشاعر كاظم الحجاج قال :
– ( من السهل على اهل البصرة ان يصوموا عن الطعام والشراب، أما عن الشعر فلا يستطيعون)
وعرّج الى مقارنة بعض قصائد الشاعر كاظم اللايذ بقصائد شعراء سبقوه وقدم اعجابه بما سمع من قصائد.
• الشاعر محمد المادح قال :
ان الشاعر اعتمد على فكرة الرحلات في القصيدة والتجارب المحكية .
• الناقد د.سلمان كاصد بين سمات الاختلاف بين تجربة كل شاعر عن الاخر موجزا ذلك بقوله:
– تتميز عوالم الشاعر كاظم اللايذ باختزال الكثير مما قيل من حكايا وسروج وأقبية ويستخدمها بشكل جميل في قصيدته ،ويعتمد على عالم الكلاسيكية العالية ويوظفها في النص .
– اما الشاعر فوزي السعد يمسك بالمشهد الشعري ، يلتقطه ويتخلى عنه، يلتقط جزءً معيناً ويبني عليه افتراضاته.
– الشاعر علي نوير يقترب من كاظم اللايذ ويبتعد عنه تماما من خلال استشرافه بالمستقبل، يلتقط الواقعة ويبني عليها مستقبل النص.
نعم ان الشاعرين كاظم اللايذ وعلي نوير يلتقيان في الواقعة لكنهما يفترقان في التداول اذ ان اللايذ يكمن في الماضي اما نوير فيذهب نحو المستقبل .
• اما الشاعر احمد الجاسم فقد تناول سردا لوقائع عن ادباء عالميين واثرهم في الحياة الادبية امثال مايكوفيسكي وهوردن ومالارميه ، معرجاً على تجربة اللايذ بقوله:تتميز لغته بمنتهى البساطة تصل الى حد الكلام المحكي.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة