لوحة الحداثة رؤى ومضامين

يتوقف الفنان أحيانا أمام مشاهد معينة في الطبيعة، أو الأمكنة التي يعبرها، أو الأنعطاف نحو مرحلة أخرى، ليسجلها في ذاكرته أو على سطح أوراقه العذراء، نوعا من الملاحظات الذاتية، حيث الخبرة والولع بالتفاصيل غير المألوفة.
وهي التي تردد هذا النوع من الملاحظات التي قد تتحول فيما بعد الى مصادر خصبة لأنجاز وصياغة أعمال فنية تؤرشف تأريخيا لمرحلة كشف جديد، وتعبر عن وجه مغاير لأنساق العمل التشكيلي غير التقليدي، مضافا اليها المعرفة والأدراك لمكونات الموضوع، حيث يكون الفنان قادرا من نفسه لبناء وأعادة بناء الأفكار.
وكملاحظة تسجل على المشهد التشكيلي العراقي، لم يكن بمستوى ما نطمح، أو بمستوى الرؤية والمحاكاة لهذا التغيير، والضربة الهائلة كما تحدثنا بعض كتابات النقد التشكيلي في تجسيد الظواهر والحالات الأنسانية التي تبرز في لحظات تمردها، وتشكّل مع مكونات اللوحة وحدة السرد التشكيلي في فتحه الجديد، لينجز لنا أعمالا غاية بالأتقان، من خلال معرفة وأفق فضاءات الحرية وقد طرحت مشروعها الواقعي بعد التغيير.
وكان من المفترض أن يدخل مخيلتنا ولا يغادرها، لأنه يمثل قلقنا فيما نريد ونسعى ونحلم، وبالرغم من أتساع مشاريع المعارض الفنية، وطروحات الفنان العراقي، التي طالعتنا على هامش أكثر من مشروع أدبي وثقافي، الا أنه ظل حبيس التجربة ، دون الخروج عن المألوف، ودون أن ينتصر لحلمنا ولطفولتنا المفقودة وذكرياتنا الموجعات ، أو يدخل مضامين الراهن اللحظوي فيما نعانيه من فقد لأحلامنا، ويقينا ندرك أن الكثير من الفنانين ظلوا يعملون بصمت في منجزهم الأبداعي، بعيدا عن الأضواء وقاعات العرض ، تاركين للزمن والظروف الأخرى فرصة اقامة معرض شخصي طال أنتظاره.
لكن ما تابعنا بعضه لا يمثل تجربة التشكيل في العراق وعمقه التاريخي، وأزعم أن هذه الملاحظة ناقشها الوسط التشكيلي بشكل مسموع؟
وربما نقترح أن تشكل لجنة لا تجامل على حساب منهج الفكر السليم لقيم التشكيل العراقي وهي تتفحص اللوحة وشكلها وقيمها، لأنها بالنتيجة ستدخل في أرشيف الثقافة للقادم من الأيام.
يقينا مرة أخرى، أن الفنان التشكيلي من شأنه أن يخلق مناخات، أو لديه ظاهرة قد تؤدي الى رؤيا مغايرة أبتغاء الوصول الى (فضاءات) ربما تستحقها الذاكرة والوعي في أرتباطها الحداثوي مع التطور الفكري الذي يعيش أجواءه في ظل مناخات الحرية في مشهدها اليومي.
فهد الصكر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة