وحدي.. أقلب ُ السواد

أنمار مردان

هكذا هم .. هكذا أنا
أشتهيُهم
وهم يقرعون الطبولَ فوقَ رأسي
أخطفُ لهم الهروب َ
أحلفُ بوداعِهم مغنياً نشيدُهم الأزلي
لم يوحَ إليَّ بشيء
حين كتبوا عمري في آخرِ السطرِ
وقسموا على المحبرة ِ
أن لن تجوعَ لفظةً أخرى
وأنا أبعد من المدى عن الندى ..
أنظرُ إلى الساحة ِ المجاورةِ
أشمُ أخوةَ يُوسف
وأشم ُ أتربةَ الطواحينِ والأفاعي
اخبزُ لهم الشوارع َ
وأسكنُ خلفَ جرسِ الكنيسةِ ..
ماذا يحدثُ لهم

لو أعرضُ كُلَ الأرصفةِ للبيع ؟
والجدرانِ المنقوشة ِللضياع ؟
حين يموتُ عصفورٌ في جيبي
لا أكترث
وأوجهُ رسائلَ للنوارس
لا عيشَ هنا
وينزعُني السوادُ
رغم كَثرةِ الباعةِ المتجولينَ للموت
ثم أقرأُ عناوينَهم من بسمتِها وأزدهر ُ
هكذا أنا .. هكذا هم
هم يستحوذونَ النوافذَ بلغةٍ إفرنجية
ويحصون جثثَ الصبية ِالخافرة ِ
ويلبسون السوادَ
خشيةَ أن تصابَ عفونتُهم بالطاعونِ ..
لا عيبَ على الأشرعةِ حين تسكرُ
لا عيب َ على القراصنة ِأن تُصغيَّ لبوصلةٍ محذوفة ٍ
ولا عيبَ عليها حين تنصتُ لمذياعِ الحرب ِ
لا عيبَ عليهم أن يهتفوا بحليبِ الأمهاتِ الملوث ِ
هكذا هم .. هكذا أنا
أنا لا ثقل َ لديَّ في أصابعي
لا أشتهي الغيثَ

أصبغُ نفسي بالتراب
أمتحن ُ ثمالةَ رقاصِ الساعة ِ
أجيدُ حملَ مرآة السنابلِ
أوزعُ العواصفَ على الموسيقا على هيأةِ تقويم
وأجلسُ ساكنا ً
أتلذذ ُ بقيلولة ٍ أكلتها أنقاضُ النساءِ
أصطاد ُ الغراب َمن ريشِه ِ
وأرمي به ِعلى حجارة ٍ كي تغترب
أفيض ُ مقلاةً بِلا رنين
وأرقدُ بسلامٍ غير آمن ٍ
هكذا أنا .. هكذا هم
هم يوسوسون للخدودِ البيضاء ِ
احمرارُها غايتُهم
لا يَخشَون أسرى الحب ِ
الحبُ لديُهم مكواةٌ وعنصرٌ شاردٌ و قلقٌ
الراءُ رغبتُهم
يتصافحون بها
ظل ُ خواتمِهم عنقودٌ صغير ٌ
يحدق ُ في حُلمِهِ ويزني ..
لا حواءَ هنا تسمعُ صراخَها
جسدُها تمارسُ فيه أقنعة ُالمحارم ِ
وتنأى و لا من مجيب
لا طعمَ للفراش
حين يغنون جُرحَ المدينة ِ
ويبتلعون الصحارى
فالسُخامُ حليفُهم
هكذا هم .. هكذا أنا
أقلبُ السوادَ وحدي …

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة