الجوامع حثت بمكبرات الصوت الموصليين على التصويت
نينوى ـ خدر خلات:
نينوى، التي يصفها الكثيرون بانها “عراق مصغر” بسبب الفسيفساء القومي والديني والمذهبي الذي يلونها، مرت بتجربة الانتخابات النيابية بشكل مختلف عن جميع المحافظات العراقية، ففي حين يحتدم فيها صراع أبناء الأقليات من (الإيزيديين، والمسيحيين، والشبك) على المقاعد الوطنية والكوتا، يرى البعض ان الانتصار الحقيقي كان للأمن والأمان لمحافظة شهدت أعنف أعمال العنف في السنوات القليلة المنصرمة، فيما أشاد آخرون بدور الجوامع التي حثت الأهالي في يوم الاقتراع على عدم تفويت الفرصة والمشاركة بالتصويت، وسط معلومات عن مشاركة مكثفة من ناخبين يسكنون مناطق شبه مدمرة في أيمن المدينة.
وعلى وفق متابعة مراسل “الصباح الجديد” فان ابناء المكونات من الايزيديين والمسيحيين والشبك شاركوا بكثافة في عملية التصويت، سواء في مناطقهم المحررة او في مناطق نزوحهم ببلدات اقليم كردستان و المخيمات، حيث يحتدم الصراع الانتخابي على المرشحين من هذه المكونات سواء على القوائم الوطنية او على مقاعد الكوتا.
وينتقد ناشطون من هذه المكونات وجود مرشحين عنهم بكثرة زائدة في القوائم الوطنية، عادين ان الاحزاب الكبيرة تسعى للحصول على اصوات من الناخبين لتحسين ترتيبها او للحفاظ على مكاسبها، على حساب تمثيل الاقليات بالبرلمان العراقي.
فيما يقول ناشطون اخرون ان مرشحيهم عبر الاحزاب والكتل الكبيرة سيساعد في تنفيذ بعض مطالبهم التي ستحظى بدعم من تلك الكتل والاحزاب، بينما النواب المستقلين ستكون اصواتهم ضعيفة في ضجيج جلسات مجلس النواب وسط كتل كبيرة تؤثر في اصدار تشريعات ملزمة للحكومات، سواء الاتحادية او المحلية في المحافظات.
انتصار للامن والامان
يعد مواطنون موصليون ان انتهاء عملية التصويت من دون اية حوادث تذكر، هو انتصار ساحق للامن والامان في مدينة شهدت اشد اعمال العنف طوال عقد كامل ونيف، مشيرين الى ان نسبة التصويت بكثافة في عموم مدينة الموصل وخاصة في مناطق ما زال الدمار يظهر للعيان على جوانب طرقاتها هو بمنزلة تعبير عن آمال قوية للاهالي لانتشال المدينة من واقعها المتردي والانطلاق نحو الاعمار والاستقرار.
وكانت العشرات من الجوامع في مدينة الموصل، قد اطلقت نداءات طوال يوم الاقتراع، حثت الاهالي على الذهاب للمراكز الانتخابية والتصويت لمن يرونه الاكفأ والافضل، علما ان هذه النداءات تطلق لاول مرة في الاعراس الانتخابية في محافظة نينوى، الامر الذي يشير الى اصرار وعزم الموصليين بشتى شرائحهم وتوجهاتهم على طيَ صفحة الماضي والبدء بدخول الموصليين للمعترك السياسي بكامل ثقلهم وحجمهم على مستوى البلاد.
وبالرغم من بعض الحوادث الصغيرة التي شابت عملية الانتخابات بالموصل، لكنها تبقى هامشية غير مؤثرة على النتائج العامة، حيث اشار ناشطون وصحفيون موصليون الى اعطال وتوقفات مؤقتة لاجهزة الاقتراع ببعض المحطات الانتخابية، عادّين ذلك بانها اعطال عامة غير مقصودة شملت عموم المراكز الانتخابية بالبلاد، فضلا عن انه تم تجاوز تلك الاعطال من خلال اصلاحها او تحويل الناخبين الى محطات اخرى وادراجهم كمضافين فيها، من اجل احتفاظهم بحقهم الانتخابي.
وبالطريقة نفسها تم منح حق التصويت للمئات من النازحين الذين عادوا مؤخرا لمناطق سكناهم في حين ان أسماءهم بمراكز انتخابية بمناطق نزوحهم، وتم شمولهم ضمن ما يسمى الحركة السكانية، وتمكن اغلبهم من التصويت في محطات ومراكز اعدت لهم.
وبعيدا عن النتائج لهذا المهرجان الديمقراطي، فان المشاركة المكثفة لابناء محافظة نينوى بشتى اطيافها هو رسالة للداخل مفادها ان عهد الارهاب انتهى، وللعراق مفادها ان اهل محافظة نينوى ينبغي ان يأخذوا مكانتهم الطبيعية في مسيرة العملية السياسية بعد جفاء لم يحصل منه احد سوى على الدمار والخراب فضلا عن خسائر موجعة في الجانب الانساني والاقتصادي.