معنى أن تكون جميلاً

في برنامج تلفزيوني على الهواء قامت جين فوندا بنزع رموشها الصناعية، ومسح الماكياج من تحت عينيها، وتجريد خديها من المساحيق، وشفتيها من أحمر الشفاه، لتبدو في النهاية مثل أية امرأة عادية وليست نجمة هوليوود الشهيرة.
وفي أقل من دقيقة، ظهرت فوندا على حقيقتها، وفي عمرها الحقيقي. كانت ثمة دوائر قاتمة تحت وحول عينيها، وكان وجهها أقل توهجاً، ومع ذلك، كانت لاتزال في كامل حيويتها: ذكية وفضولية وذات نظرات ثاقبة.
لكن ماذا أرادت فوندا من فعلها الصريح؟
أرادت، بكل تأكيد، أن تقول لملايين النساء: أنا أعيش مثلكن على نفس الكوكب، وليس نجمة في الخيال، وربما تكن أفضل مني بدون تجميل.
انني امرأة، وأتفهم جيداً معنى أن تهتم المرأة بنفسها، وبمظهرها، لكنني لا أستطيع فهم هذا الجنون الذي يدفع بنساء كثيرات، في كل أنحاء العالم، إلى إجراء عمليات تجميل باهظة الثمن من أجل الحصول على مظهر هوليودي خيالي لا علاقة له بالواقع الحقيقي.
قرأت مرة لسيدة أمريكية رأياً حول هذا الجنون، اذ قالت: إن إظهارنا لوجوهنا ونحن نتقدم في العمر يشبه السماح للأصدقاء بمشاهدة بيوتنا القذرة، لكن لا يعني هذا أن نهدمها أو نغير ألوانها في كل حين، وإنما نكون قادرين على القيام بعمل أفضل، وذلك بتنظيفها. وإذا كانت هناك صداقات صلبة، فلا شيء من هذا سيهمها، إذ تجعلنا مظاهرنا الطبيعية أكثر راحة حيال بعضنا البعض.
حتى الرجال اندفعوا وراء هذا الجنون دون أن يدركوا أن الخيال الهوليودي سيكون غير مملح لأنه مجرد من طعم الواقع.
لقد فرضت ثقافة المشاهير سطوتها علينا حتى بات من العيب أن لا تكون لنا أجسام مثالية مثل نجوم هوليوود، ويفسر علماء النفس هذه الحالة بالقول: إن أولئك الذين لديهم نظرة متدنية لذاتهم يبحثون عن وسائل للشعور بشكل أفضل عن أنفسهم، بما في ذلك عمليات التجميل، رغم أن الكثير من الأدلة – سواء كانت علمية أو قصصية – تشير إلى أن التحسينات الجراحية والإجراءات التجميلية يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على النفس حتى لو حققت بعض الرضا المؤقت، لأنها تؤدي إلى تغيرات نفسية غير محسوبة أو متوقعة.
ويؤكد هؤلاء على أن التحسينات الجراحية لن تجعل الشخص أكثر سعادة إذا لم يكن ذلك الشخص متوازناً في المقام الأول، وهم ينصحون بدلا من الإقدام عليها بتغيير نمط الحياة، والتحول إلى الطعام الصحي، وممارسة الرياضة.
كانت جميلة النجمات الإيطاليات كلوديا كاردينالي، التي سبق وأن فازت بمسابقة للجمال في شبابها، ترفض إجراء عمليات تجميل، وظلت وهي تقترب من الثمانين متشبثة بهذا القرار، بل كانت تعيش حياة بسيطة وطبيعية، وعندما سئلتْ، ذات يوم، عن وصفتها للحفاظ على جمالها ردّت بكلمتين: زيت الزيتون.
فريال حسين

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة