رياض عبد الكريم
دعوة متواضعة تلقيتها من النائبة شروق العبايجي الأمينة العامة للحركة المدنية الوطنية للمشاركة في اجتماع تداولي مع مرشحي الحركة، والإسهام في بلورة أفكار وتصورات حول الممارسة الانتخابية، ومستقبل الحركة وتفعيل قدراتها داخل الاوساط الجماهيرية .
وما لفت انتباهي في هذا الاجتماع قول النائبة العبايجي « اننا حركة سياسية في الاطار الديمقراطي الاجتماعي ، لكنها في الوقت ذاته هي حركة جماهيرية انطلقت من عمق ومعاناة المواطن الذي يتطلع الى تحسين واقعه الحياتي والتمتع بالحرية والتحرر وكسر القيود المتولدة من مخلفات الماضي وتعقيدات الحاضر» .
استوقفتني هذه العبارة لعمق معانيها وجرأة طرحها وشجاعة قائلتها كونها امرأة عراقية تصر على ان تحقق هدفاً صعباً لكنه ليس مستحيلا ً ، لذلك دفعني الفضول لمعرفة المزيد من افكار هذه العراقية ، فكان هذا الحوار :
ــ تنادين وتطالبين بالدولة المدنية الوطنية ، ماهي السبل المتاحة امامك لتحقيق هذا الهدف ، وهل تعتقدين بوجود دعم شعبي لهذا المطلب ؟
*نعم واقولها بكل ثقة ، توجد لهفة شعبية نحو تحقيق المدنية في عموم الاوساط الشعبية ، فقد اصبحت وسيلة لتفعيل ادواة النجاة على صعيد الواقع ، والدليل على ذلك هو مانلمسه اليوم قياسا بالسنوات التي مضت منذ عام 2003 ازدياد وانتشار المطالب للانفتاح على كل مظاهر التمدن والتحضر في اتجاهات الفكر والثقافة والفنون بكل صنوفها ، وليس ذلك فحسب ، فنحن ننظر الى الاتجاهات الاخرى في مجالات هيكلية الدولة في التعليم والصحة والصناعة والزراعة والسياحة بل وحتى في المجال الاقتصادي ، هذا يعني اننا نريد بناء دولة عصرية على وفق منطلقات حاجة المرحلة وحاجة الانسان التي انعدمت امامها فرص التكافؤ بين ماهومتاح وماهو مطلوب ، وعلينا ان لاننظر الى انفسنا بالمرآة فحسب انما ان ننظر ونتابع التطورات التي تحصل في دول الجوار بل وحتى دول العالم ، وهناك تساؤل تتداوله السنة الناس باللهجة الشعبية « ليشمانصير مثل بقية الدول « ، وفعلا سؤال مشروع والاجابة عليه هو مسعانا نحو تحقيق ذلك .
اما السبل المتاحة امامنا فهي الاصرار على تحقيق الهدف اولا ، ومن ثم مواصلة المسيرة من دون توقف ، وهنا اود ان اشير الى ان حركتنا ليست مرتبطة بالانتخابات انما هي مشروع وطني طويل المدى سيستمر لحين تحقيق اهدافه .
ــ المشروع الوطني اصبح نغمة ترددها معظم الاحزاب ، كيف تفهمون الوطنية ، بعبارة اخرى ماهي منطلقاتكم التي ترتكزون عليها لتحقيق الفرضية الوطنية .
*الوطنية ببساطة تعني حق الوطن وحق المواطنة ، ولكليهما شروط وحقوق وواجبات ، ولاجل تحقيق ذلك لابد من وجود دستور رصين وواضح لالبس فيه يسمح بالاجتهاد او التفسير او التأويل ، وعليه نحن بحاجة ماسة لان تعاد صياغة الدستور مجدداً ويكتب من خلال خبراءومتخصصين في عدة مجالات بعيدا عن الاوساط السياسية والتدخلات الكتلوية ، وللبرلمان والحكومة دور مهم في تحقيق المنهج الوطني الخصه بسن وتشريع القوانين على وفق الاولويات وحاجات الناس ، واختيار رئاسات كفوءة ومتخصصة للجان البرلمانية وكذلك اعضاؤها، والغاء مبدأ المحاصصة الذي نشأ وترعرع في حضن الاوساط السياسة ليصبح وكأنه قانون دستوري ، وفتح الباب امام الكفاءات الحقيقية والمتخصصة في تبوء المناصب الحكومية وتشكيل حكومة مهنية بعيدا عن التأثيرات السياسية والولاءات الحزبية ، وتفعيل دور المجلس الاعلى لمكافحة الفساد ليأخذ دوره الفعلي والحقيقي للقضاء على كل مظاهر الفساد من خلال تشريع قوانين وانظمة رادعة بحق المفسدين ، ومن جانب اخر على الامانة العامة لمجلس الوزراء ان تعيد النظر بهيكلية مؤسسات الحكومة من حيث القوى العاملة وتحديث المباني ووضع نظم جديدة للعمل تسهل مراجعة المواطنين وتجاوز الروتين والبيروقرطية والترهل في العمل .
بصراحة البلد يحتاج الى ثورة انفجارية تعيد البناء من جديد وتوقف كل التداعيات التي خلفها اجرام داعش ، وهذا ليس بالصعب او المستحيل على بلد مثل العراق لديه طاقات بشرية هائلة وموارد مالية جيدة ، نحن نحتاج الى التخطيط المحكم والتنظيم الذي يوظف كل الطاقات المتاحة للبناء والتحديث والتجديد .
ــ هناك عدة تيارات واحزاب ليبرالية لديها توجهاتكم نفسها ، اما كان الاجدر ان تتحالف في ائتلاف واحد حتى يمكن ان تشكل قوة سياسية كبيرة تكون اكثر تأثيرا وجذبا للجمهور ؟
*هذا صحيح جدا ، وحاولنا ان نجد صيغة سياسية يتفق عليها الجميع ، لكن ذلك لم يتحقق لاسباب تتعلق بخصوصية الشخصيات والاختلافات حول قيادة الأتلاف وموارد التمويل ، لكن في واقع الحال وان لم يتحقق هذا التحالف الا اننا نلتقي بالاهداف والتوجهات والطموح ، ولا يوجد اي اشكال في التعددية السياسية مادامت هي تسير بالخط نفسه .
ــ ماهي نظرتكم للاحزاب الاسلامية؟
*نحن ليس لدينا اعتراض على وجود الاحزاب الاسلامية ، لكننا نعترض على تسييس الدين ، وزجه في المعترك السياسي ، نحن نحترم ونقدر كل الاديان والمذاهب والقوميات والمعتقدات ، ولدينا معهم خطوط تواصل عديدة وحوارات ونقاشات مستمرة ، لكن تبقى الخصوصية قائمة لكل حزب ، وهذا طبيعي في العمل السياسي ، ولابد من الاشارة الى ان هذه الاحزاب تتحمل مسؤولية مشتركة في خلق منظومة المحاصصة التي اوصلت البلد الى حافة الهاوية .
ــ باعتبارك امرأة ، هل للمرأة خصوصية في التعامل ومنحها ادوارا مميزة عن الرجل ؟
*التعامل يجري على وفق المنهج الانساني ، فهي انسانة حالها حال الرجل ، لكن ربما اتعاطف مع المرأة العراقية من جانب حاجتها الى الرعاية والاحتواء كونها قد تحملت وزر اعباء الرجل نتيجة الحروب والصراعات المختلفة، وبالوقت نفسه تهميش دورها في المجتمع والحياة لعقود سابقة بالرغم مما قدمته من تضحيات جسام ، وفي حركتنا عدد كبير من النساء يمارسن العمل السياسي جنبا الى جنب مع اخيها الرجل ، والبعض منهن اعضاء في الامانة العامة للحركة المدنية .
ــ هل انت متفائلة بنتائج الانتخابات من حيث صعود وجوه جديدة تتمتع بالكفاءة والنزاهة والوطنية ؟
*هذه مسؤولية الاحزاب والكتل السياسية ، فأذا لم تأت شخصيات كفوءة فأن ذلك يعني ان الاحزاب لم تحسن الاختيار ، ولم تأبه لخطورة ذلك ، لكن نأمل ان تتحقق نسبة مقبولة من المرشحين الاكفاء لكي يمكن ان تتشكل حكومة قوية تستطيع ادارة البلد في مرحلة هي الاخطر من كل المراحل السابقة ، ذلك ان البلد بحاجة ماسة الى مزيد من الجهود على صعيد البناء والاعمار ومكافحة الفساد وتوفير الخدمات ، فأذا كان وجود داعش المجرم سابقا يحول دون عمليات الاصلاح ، فأن داعش اليوم قد ولى واندحر ولم يعد هناك مايبرر اي اخفاق او تأخر في تحقيق المنجز الوطني ؟
ــ اذا ما تحقق فوزك بالانتخابات ؟ هل لديك طموح بمنصب وزاري ، وانت المتخصصة اكاديميا بالشؤون الزراعية والمائية ودورك المميز في الحفاظ على معالم بغداد الحضارية والبيئية ، ام انك تكتفين بمنصبك البرلماني ؟
*الذي يهمني هو ان اسخر كل امكانياتي وقدراتي العملية والعلمية لخدمة العراق وشعبه الابي الكريم ، اينما اعمل هو شرف لي واعدّه واجبا مقدسا ومسؤولية قيمية واخلاقية ووطنية .