الحب لا يقهر المشكلات

تزاد حالات الطلاق في العراق بنحو مقلق، وتتعدد أسبابها لكنها تقود، في نهاية المطاف، إلى نتيجة واحدة هي التفكك الأسري في مجتمع يعاني أصلاً من تدهور العلاقات الاجتماعية.
وقد وقعت على إحصاءات صادمة، أظهرت أن نسبة الطلاق تشكل ربع حالات الزواج تقريباً، ويمكن أن تفوقها بكثير لأن بعض الزيجات لا تسجل في المحاكم، لعدم بلوغ الفتيات المتزوجات السن القانوني، وهذا يعني أن الزواج المبكر من بين أهم أسباب الطلاق إلى جانب الظروف الأمنية والاقتصادية، والضغوط النفسية الناجمة عن الإرهاب وعمليات القتل والتهجير.
وحسب الأرقام المتداولة، فإن نحو 145 حالة طلاق تتم يومياً، أي 6 حالات كل ساعة أو حالة طلاق كل 10 دقائق. وسجلت العاصمة بغداد أعلى نسب الطلاق فيما جاءت محافظة المثنى بالنسبة الأدنى ربما لأنها أقل المحافظات سكاناً.
لقد سمعنا جميعاً أن الحب ينتصر على كل شيء، وأن الزواج يستمر مادام في قلوب الأزواج ما يكفي من الحب فهو القادر على قهر جميع المشكلات، لكن مثل هذه الأفكار المأمولة غالباً ما تنتهي إلى خيبات. نعم، يساعد الحب على دوام الزواج لكن ليس إلى الأبد، ذلك أن أساس الزواج المتين يقوم، قبل أي شيء، على تقاسم أهداف الحياة المشتركة.
حتى مع الفضائل الجميلة والمحببة للزواج، فإن عدم وجود هدف مشترك في حياة الزوجين يعني أن الطلاق آت لا محالة.
هناك أزواج لا يستطيعون الاتفاق على أهداف مهمة. على سبيل المثال، الزوج يريد طفلاً والزوجة لا تريد لظروف خاصة، فما هي فرصة أن يبقى الزوجان معاً إذا ظل كل واحد منهما مصراً بقوة على موقفه؟
وهناك من يندفع للزواج دون أن يعرف الاهتمامات الشخصية لمن يتزوجه، فلا تكفي مشاعر الحب، أو الاعجاب المتبادل أو مجرد أن الزوجين يتفقان على بعض الشؤون كي ينجح الزواج، فثمة أشياء تبدو صغيرة إلا أنها ذات أهمية كبرى بالنسبة لكل زوج كونها تنبع من رغباته، وأسلوب حياته، وطريقة تفكيره، ومستوى تعليمه، وانحداره الطبقي، وحساسيته حيال مواقف سياسية أو دينية معينة. حتى الطعام المفضل يمثل اهتماماً شخصياً.
وهناك من يتزوج من دون أن يمر بمرحلة الخطوبة تحت طائلة الأعراف والتقاليد التي تلزم الغالبية العظمى من العراقيين خاصة بعد استفحال النزعة العشائرية، فهذه المرحلة ضرورية جداً ليس لجهة اختيار شريك الحياة المناسب فقط، بل لتوقع مستقبل العلاقة معه، وهو أمر حاسم لزواج سعيد، فمن يرغب في الزواج عليه أن يتخيل معالم مستقبله مع الشريك بعد 5، 10، 20 سنة، وكيف يرسم صورة اسرته، ومدى قدرته على تحمل الأعباء التي تفرضها العلاقة الزوجية.
نخطب، ونتزوج، وننجب ثم نستيقظ بعد بضع سنوات لنجد أنفسنا على مفترق طرق، وكل واحد منا يمضي في الاتجاه الخاطئ.
فريال حسين

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة