تشكل مظاهر العملية الانتخابية مفصلا مهما من مظاهر الديمقراطية وعلى وفق هذه المظاهر تقاس قدرة الشعوب على التعبير الحر والشفاف في ممارسة حقها في الاختيار ويخطئ من يظن ان الالتزام بمعايير قانونية والتصرف بسلوكيات اخلاقية تحترم آليات التصويت يختص بالحكومة وحدها فالقضية برمتها تكاملية وتضامنية تتوزع فيها الادوار والمسؤوليات بين طرفين رئيسين هما المرشحين والناخبين فالسياسي الذي يرشح نفسه ويتقدم الى الجمهور العام ينبغي ان يتحلى بأكبر قدر ممكن من الاتزان والموضوعية ويحرص على نيل الرضا والقبول عبر تمكين جمهوره من الإدلاء بآرائهم منذ لحظة الترشيح وعرض تفاصيل حياته المهنية وبرامجه الانتخابية بكل شفافية وعدم اتباع وسائل الخداع والتشويش فيما يخص تحالفاته المستقبلية وموقفه من الملفات الداخلية والخارجية وقدرته على الايفاء بوعوده الى الناس وغيرها من المهام التي تقع في صلب استحقاق الترشيح كما ان هناك مهمة اخرى تتعلق بالاحزاب والكتل الصغيرة التي تبحث عن فرصة اكبر في الفوز باصوات المقترعين تتمثل بعدم التخلي عن برامجها الانتخابية او رسالتها التي تحملها من اجل تكريس مضامين جديدة تتعلق بالتغيير والاصلاح بنحو يفسر بانها تريد التحالف من اجل الفوز فقط باي ثمن وباي وسيلة وفي المقابل ثمة التزامات تقع على عاتق الناخبين تتمثل بالكشف عن قراراتهم ومواقفهم سواء اكانت سلبية او ايجابية تجاه الممارسة الديمقراطية بما يمكن السلطة التنفيذية والمنظمات المعنية بالدفاع عن الحريات العامة من معرفة الاتجاهات العامة للجمهور بما يكفي لتأسيس برامج توعوية تستهدف مواقف الجمهور من اجل تعديل خططها الرامية الى دعم الانتخابات وفي الوقت نفسه لابد لهؤلاء الناخبين الذين حسموا قرارهم بالمشاركة في الانتخابات من الابتعاد عن كل ما يسئ الى أقرانهم وتشويه سمعتهم من خلال عدم الانصياع لارادات حزبية او فردية تحاول تشويه العملية الانتخابية من خلال التلويح بالمنافع المالية او اطلاق وعود بالحصول على مكتسبات وامتيازات واتخاذ قرارات التصويت تجاه اي قائمة حزبية او تجاه المرشحين بنحو فردي بمعزل عن فئات اخرى جرى تنظيمها بنحو دعائي وسلب منها القدرة والارادة في الاختيار ولربما تشكل الانتخابات المقبلة فرصة مهمة لتصحيح الكثير من المسارات الخاطئة والتصرفات المشينة التي جرى كشفها في وسائل الاعلام او دونتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بوصفها تقع في سلسلة الانتهاكات التي تحرص المفوضية والمراقبين المحليين والدوليين على رفضها وفي المجمل فان العراقيين جميعا ينظرون الى هذه التجربة الانتخابية بوصفها الفرصة الاخيرة لرؤية معالم التغيير سواء على مستوى المرشحين او الناخبين بما يضمن تحقيق تطلعات الشعب العراقي بتنفيذ اصلاحات جذرية وشاملة على جميع المستويات ومن المهم الإشارة الى ان كل مظاهر التصويت مرصودة من قبل منظمات ووسائل اعلام محلية وعربية ودولية وبالتالي فان اي ناخب عراقي يتوجه الى الانتخابات يجب عليه ان يدرك ان شروعه بالخروج من بيته مع عائلته وتوجهه الى صناديق الاقتراع هو في النهاية مشهد سياسي واجتماعي وإعلامي يعكس تقاليد وعادات وطنه وينبغي ان تكون هذ التقاليد والعادات منظمة من خلال الالتزام بقوانين العملية الانتخابية وحضارية بما يعكس شعب آمن بالحرية والتعددية وحان الوقت ليثبت للعالم تمسكه بها برغم كل الظروف والصعاب
د. علي شمخي
فرصة جديدة..
التعليقات مغلقة