حين يكون تهميش وإقصاء الفتيات في أعلى درجاته

دعاء للمخرج محمد شيرواني ..
كاظم مرشد السلوم

العنوان
دعاء ، كلمة تحمل في طياتها الكثير ، فالدعاء يعني طلب تحقيق المراد صحيا او اقتصاديا او غيره ، وربما تكون النساء اكثر دعاء من الرجال بحكم كون المرأة ، اكثر عاطفة من الرجل ، لذا نراها تدعوا للجميع ، أبنائها ، زوجها ، وطنها ،
لم يأت اختيار محمد شيرواني للعنوان اعتباطا ، فالدعاء لا يكون حلا او يقف حائلا أمام التقاليد الاجتماعية البالية التي مازالت قائمة في المجتمعات الشرقية ، لذا لم تجد بطلة الفلم دعاء حلا لأزمتها ومعاناتها مع التقاليد ولضغط الذكوري الذي تتعرض له .

الحكاية
شيخ كهل يعيش في احدى قرى كوردستان العراق ، يصدم بمعرفته ان ابنته التي يكان يتمنى ان تدرس العلوم الإسلامية ، كانت نتيجة تقديمها للجامعة قبولها في كلية الفنون الجميلة ، التشكيل ، البنت تفرح بقبولها ، لكن اخوانها الذكور يتعرضون على ذلك مخافة من كلام سكان القرية الذين يسمعون اخوتها كلام سيء يخص اختهم فيما يتعلق بدارساتها ، لتنتهي الحكاية بمنعها نهائيا من الذهاب الى الكلية ، وتحبس في البيت ، كما الكثير من الفتيات سواء في هذه القرية من قرى كوردستان او غيرها من قرى البلاد

الاشتغال
كتب محمد شيرواني سيناريو الفلم بنفسه ، لذلك جاء منسجما مع وجهة نظره الشخصية من هذه القضية ، فاراد ان تكون خطوط تحرك شخصياته هادئا ومنسجما مع الخط الدرامي الذي رسمه ، فلم يظهر المخرج الاب الشيخ قاسيا على ابنته ، بل اظهره شيخا يصدم بنتيجة قبول ابنته في كلية الفنون ، معتقدا انها حرام ، كذلك معيبة بحق سمعة عائلته ، ومع ذلك يتركها تذهب للدراسة ، ولا يتعرض لها ، بل اخوتها فقط من يعترضون ، باعتبارهم الأكثر احتكاكا مع سكان القرية التي يسكنون فيها ، كذلك جاء رسمه لشخصية بطلته دعاء ، منسجما مع واقع حال القرية ومن يعيش فيها ، حيث لا تعلو كلمة للمرأة على كلمة الرجل وكذا رأيها .
أراد شيرواني كذلك اظهار متناقضات كامنة في المجتمع ، فالأستاذ يضع قنينة خمر وبجانبها تفاحة ويطلب من طلبته رسمها ، وعندما تمنع الفتاة من مواصلة دراستها تجد احد حراس القرية يضع قنينة خمر على حافة نافذته ، فيذهب ذهنا للتفكير لما يدور حولها من تناقضات.
يرسم شيرواني نهاية فلمه بعناية ، حيث تمسك دعاء ، قطعة فحم وترسم قنينة الخمر على حائط المنزل .
وضع بيام كاكيل الموسيقى التصويرية للفلم ، ولم الاحظ تصاعدا دراميا لها يتناسب مع الفعل الدرامي الحاصل للشخصية الرئيسية للفلم « دعاء « ، كذلك كان يمكن لشيرواني ان يوظف الطبيعة الجغرافية للقرية ، للدلالة على قسوة من يسكنون القرى ، وهو لم يكن بالأمر الصعب ، بل كان يمكن رسم بعض المشاهد على الأقل من وجهة نظر بطلته وهي مهزومة ومتأزمة نفسيا .
تأويل النص المرئي
من الممكن الاشتغال على تأويل النص المرئي لأي فلم اذا كان هذا النص يحمل في طياته ، الكثير من الإشارات والدلالات التي لا يريد المخرج ان يطرحها بشكل مباشر ، لكن النص المرئي في فلم دعاء كان مباشرا ولا يحتاج الى تأويل يمكن ان يقودنا الى تفسير بعض مما نرى ، فرسالة الفلم واضحة وهي ادانة العادات والتقاليد التي تقتل طموح الفتيات في التعلم ، وربما أراد شيرواني كذلك القول ، ان دراسة الفنون مهمة جدا للجميع ـ فلولا دراسة الفنون لتعطلت الكثير من مفاصل الحياة ، خصوصا مع التطور التكنولوجي الهائل الذي يشكل الفن جزءا مهما من مفاصله .

الأداء
لم يكن ثمة أداء مؤثر للمثلين باستثناء بطلة الفلم دعاء « بورجاك ديليكي « التي استطاعت الى حد ما تجسيد شخصية البنت المغلوبة على امرها ، والتي لا تستطيع فعل شيء مع واقع وتقاليد لم تفرض عليها وحدها بل على الكثيرات من امثالها .
الفلم شارك كذلك في مهرجان جامعة بابل السينمائي الدولي وحاز على الجائزة الثالثة ضمن مسابقة الأفلام القصيرة .

فريق العمل
إخراج: محمد شيرواني
إنتاج: محمد شيرواني سيناريو: محمد شيرواني تصوير: هاوكار فرهاد
مونتاج: سامي صباح موسيقى: پیام كاكل
تمثيل: صلاح شيخ محمدي, بورجاك ديليكلي, رزگار زاهر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة