باي باي صناديق

هذا هو لسان حال الرئيس الاميركي باراك اوباما وفريقه من سدنة الحزب الديمقراطي، الذين سارعوا لتهنئة المجموعة المنفذة لطبخة البيت الابيض الاخيرة في بستان قريش. وهذا ما قالته بوضوح السيدة العراقية البسيطة لاحدى الفضائيات حول رأيها بما نضح عنه قدر شيف الجمهورية المنتخب ومعاونيه: (لعد ليش خليتونه ننتخب..؟).

بالرغم من الكم الهائل للحملات المنظمة ضد شخص السيد المالكي، والتي تحاول القاء كل الجرائم والانتهاكات والهزائم عليه شخصياً، الا ان الصناديق قد منحته اعلى نسبة من الاصوات في العاصمة بغداد، ومثل هذه المعطيات لا يريد زعيم المعسكر الديمقراطي العالمي وسيد البيت الابيض الالتفات اليها، مثل هذه المواقف تجعلنا نستعين بعلوم الغرب الديمقراطي وتقنياته لسبر غورها وفك طلاسمها المترسبة على رفوف ارث طويل من الغطرسة الجغرافية لشعار (الشرق شرق والغرب غرب). كما ان ما جرى لا ينفصل عن افرازات الصراع والتنافس بين الحزبين الاميركيين (الديمقراطي والجمهوري) على صناديقهم الوطنية المحترمة لا المهانة كما في الشرق الأغبر.

هذه الطبخة التي اثلجت قلب أكبر عاهل “ديمقراطي” في المنطقة، الذي سارع لكسر جليد مقاطعة المملكة للنظام الجديد في بغداد، عبر تهنئة المكلف لتشكيل الحكومة  من دون الحاجة لانتظار نتيجة تصويت اعضاء البرلمان لتشكيلته الحكومية. مثل هذا الاحتفاء الدولي والاقليمي والمحلي بالمرشح الذي قذفته الينا الاقدار العابرة للحدود والصناديق، يعكس الطبيعة الفنتازية للمشهد العراقي الراهن بعد عودة الروح لمؤمياء الخلافة الاسلامية في الموصل والمناطق المتجحفلة معها بالجهاد ضد سلع البوكو والظلالة والبدع المارقة والتي تمثل الصناديق سنامها الاعلى. ومن الاهمية بمكان الاشارة الى ان دفاعنا هذا عما وهبتنا اياه القوات العابرة للمحيطات (الصناديق) لا يمت بصلة لمنهج قوارض حقبة الفتح الديمقراطي المبين، ممن يؤمنون بآليات الديمقراطية بعيداً عن فلسفتها، حيث سقطت آخر المساحيق عن ملامحهم الحقيقية، بعد أن سارعوا جميعهم للانضمام لماراثون الوليمة الجديد. ان موقفنا هذا هو امتداد لعشرات ومئات المقالات والاعمدة واللقاءات والنشاطات التي حذرنا من خلالها من عواقب التعاطي مع الحاجات والتحديات الهائلة للمرحلة الانتقالية عبر الترسانة الصدئة لفضلات الحرب الباردة وتعاويذ “الهويات القاتلة” والعقائد الشعبوية التي انتهت صلاحيتها منذ زمن بعيد.

صحيح، ان المالكي قد فوت غير القليل من الفرص للتحرر من شرنقته الحزبية والطائفية المنتهية الصلاحية منذ نهاية الحرب الباردة والتراشقات الآيديولوجية (حزب الدعوة) ليرتقي لما رسمته له الاقدار؛ كقائد وطني عابر لكل انواع الاسلاك القاتلة، الا ان الوقت لم يفت بعد لكي يبرر لسكان هذا الوطن المنكوب ودول الجوار وراعية الديمقراطية في العالم الحر وغيره؛ من ان المقترعين له في الانتخابات الاخيرة كانوا قد اعتصموا بروح الديمقراطية وخشبة صناديقها..!

جمال جصاني

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة