تحولات مواتية أمام الحكومة الجديدة

شهد العراق في غضون اليومين الماضيين تطورات محددة يمكنها أن تؤشر إلى احتمالات التصعيد والتوتر السياسيين في الأسابيع المقبلة وفي مقدمتها المواقف التي عبر عنها رئيس الوزراء السابق والطريقة التي عبر بها عن تلك المواقف. فمن جهة أولى أعطى استمراره في مؤتمره الأسبوعي اشارة الى تمسك محتمل بالمنصب برغم التكليف الدستوري للدكتور حيدر العبادي واصراره في كلمته على أن حكومته مستمرة في عملها ولن تتوقف الا بعد اعلان حكم المحكمة الاتحادية. وهذا يمكن أن يفتح الباب على مصراعيه أمام جدل قانوني وسياسي وله بعد عسكري يمكن اذا لم يجر استيعابه بنحوٍ سلمي مبكر.
التطور الثاني يخص الموقف العسكري، إذ يبدو ان واشنطن ربما ستكون مقبلة على توسيع إسهامها العسكري في العراق برغم اللغة المواربة المستعملة من ادارة الرئيس أوباما. وتبدو حال السياسة الأميركية كمن يتزحلق على منحدر املس نحو انخراط منهجي بمحاربة داعش. في هذا الصدد سارعت واشنطن الى ارسال 130 خبيراً عسكريا الى أربيل وتسليم البيشمركة في اقليم كردستان دفعات مستعجلة قدمتها المخابرات المركزية الأميركية بانتظار الخطوة الكبرى من البنتاغون. كما انها زادت من كثافة نشاطها الجوي؛ اذ أعلنت ان طائراتها قامت بما لا يقل عن 15 غارة جوية و50 عملية استطلاع في الأيام القليلة الماضية.
وبالسياق نفسه نسقت واشنطن تعاونها مع مسؤولي المناطق الغربية من العراق و”العرب السنة”، كما تصف واشنطن. وقالت مصادر اعلامية: ان البنتاغون بعث بفريق عسكري للتنسيق مع محافظ الأنبار في حملته لمحاربة داعش والتشاور معه بشأن أفضل الاهداف التي يتعين على الطائرات الأميركية معالجتها. وبهذا تكون واشنطن في حال تنسيق عسكري ميداني ثلاثي في العراق الأول مع الحكومة الاتحادية والثاني مع اقليم كردستان والثالث مع ممثلين للمناطق السنية في الأنبار وغيرها.
وتأتي هذه التطورات وسط أجواء من ايجابية في جهود العراقيين، وبما في ذلك اقليم كردستان، في المواجهات مع داعش التي أضحت في أوضاع يمكن القول أنها أكثر دفاعية مما كانت في الأسبوعين الماضيين. وفيما تعكس الأنباء جرأة القوات العراقية والكردية في التصدي لهجمات داعش في زمار وسنجار ومخمور وجلولاء وجرف الصخر والفلوجة لم تقم داعش من جانبها بأي تعرضات عسكرية كبرى في الوسط أو الشمال العراقي واكتفت بعمليات موضعية من الكر والفر، إذ تتكبد اثناءهما بخسائر غير قابلة للتعويض.
وسيكون أمام الرئيس المكلف حيدر العبادي فرصة هائلة في النجاح المبكر أو في الأقل وضع العراق على سكّة سليمة اذا ما نجح في تشكيل حكومته في وقت قريب. فكلما تقلصت المدة الانتقالية كلما سنحت فرص كبرى للتفاؤل.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة