نهار حسب الله
الموت لمرة واحدة
أراقب الساعة وحيداً، وأمني نفسي ألا تتقدم عقاربها، بعد ان تعبتُ من مرثون اللحاق بها لأمد طويل..
أطالبها بالتريث قليلاً، وأدعوها لاستراحة آنية، علها تبقي الزمن على حاله.. إلا انها كانت عجولة أكثر من ذي قبل، ربما لأنها تعرف ان الدقائق القادمة تُبشر بذكرى عيد ميلادي..
فَكرتُ ملياً بأيام عمري ومخاوفي وانفعالاتي، وأزماتي وجوعي وصبري.. حتى أدركتُ بأن الموت لا يأتي لمرة واحدة، واستعجلت استكشاف أنفاسي، فوجدتها طبيعية بين الشهيق والزفير على الرغم من فقداني الاحساس بالحياة..
توجهت إلى المرآة لإبصار وجهي، إلا انني لم أجد ملامحي ولا ما يمثل وجودي في هذا العالم على الرغم من تسارع أنفاسي وتعاطف الساعة واستراحتها بداعي ضعف البطارية..
رقصة الموت
دموع الناس وعويلها يسبق الجنازة الى مثواها الاخير.. والاجساد تمرغ نفسها بالارض حزناً على ذلك الشاب العشريني الذي رحل من دون رجعة..
الجميع يتحسر بصمت أعمق من صمت المقبرة وأكثر خوفاً من وحدتها وخصوصيتها المرعبة، إلا أم ذلك الشاب كانت تزغرد وترقص فوق جثمان وحيدها، وتطلـب المعزيـن بالتصفيـق الايقاعـي..
عندئذ تنبه الجميع لقوة قلبها وصبرها وإيمانها بالقدر.. من دون أن يدركوا انها كانت قد دفنت عقلها قبل جثمان وحيدها..