أهداف طويلة الأمد !

تميزت فترة التحول من الشمولية الى التعددية في العراق بمجموعة من المتغيرات تركت آثارها السياسية والاجتماعية والاقتصادية على مضامين القرارات التي استهدفت من ورائها السلطات الثلاث تثبيت ركائز العهد الجديد وتأطيره بنظام مختلف .ومن دون شك ان هذا التحول هو تحول حاد اراد الانتقال بالدولة من اقصى اليمين الى اقصى اليسار وبالتالي واجهت الدولة العراقية الجديدة مجموعة من التحديات لم تستطع الطبقة السياسية التي تمسك مقاليد الادارة الاحاطة بها او استيعابها بشكل ناضج فصدرت العديد من القوانين والقرارات السريعة بهدف ارضاء فئات مختلفة من الشعب العراقي تضررت من حقبة النظام السابق كان جوهرها تعويض الضحايا والاقتصاص من الذين اجرموا او تسببوا بالحاق الضرر للممتلكات والافراد وكان ينبغي هنا الحفاظ على الرصانة القانونية لمثل هذه القوانين والقرارات بما يحقق الهدف المنشود من ورائها وبما لايتعدى ذلك الاضرار بمصالح فئات جديدة الا ان ماحصل هو شيوع الفوضى والتعميم في العديد من مضامين هذه القرارات مما مكن الاف المزورين من اختراق منظومة القوانين والتشريعات والحصول على العديد من المكتسبات والامتيازات من دون وجه حق كما ان عدم التوازن في تفصيل الحقوق والتعويضات وإصرار بعض الافراد والجهات على الاملاء والفرض والانتقام ممن تتسببوا بالاجرام افقد الفرصة في خلق منظومة قانونية وادارية قادرة على الثبات بوجه اية متغيرات مستقبلية وخلافا لما هو معمول به وسائد في الدول التي رزحت طويلا تحت الانظمة الاستبدادية وتمكنت من تحرير ارادتها ومقدراتها من خلال التطبيق السليم للاحكام الجديدة واصدار قرارات ناضجة تأخذ بنظر الاعتبار الاهداف الاستراتيجية طويلة الامد من اجل بناء دولة جديدة لم يستطع نظام الحكم الحالي في العراق الوصول الى هذه الرؤية وهذا الهدف وتميزت القرارات التي صدرت خلال السنوات السابقة بانها قرارات استثنائية ومرتجلة وتعالج ملفات خطيرة بمديات قصيرة لاتستطيع مواكبة المتغيرات وتصطدم بافرازات وردود فعل غير محسوبة وفي النهاية يمكن القول ان هذه المعالجات هي معالجات قاصرة لم تبن على المصالح الوطنية الاستراتيجية وقد جاء يعضها بدافع الانتقام والاقتصاص من دون منظومة قانونية ترتكز على اخلاقيات التسامح والتعايش مما يدفع بالدولة كنظام سياسي الى مراجعة عشرات القوانين في كل دورة انتخابية جديدة من اجل اعادة مراجعتها وتعديلها والغاء بعض فقراتها وهذا ما يشكل اخفاقا واضحا وتعثرا مستمرا في مسار العدالة الانتقالية وقد ان الاون كي يجلس المختصون في هذا المجال ويعملوا على تحقيق النضج والتوازن في هذه التشريعات وان يضعوا نهاية سريعة لحقبة الارتجال والتسرع ويؤسسوا للثبات والاستقرار.
د. علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة