أحلام يوسف
كلنا متفقون على إننا نعاني صعوبات الحياة بكل مفاصلها، وعلى قدر صعوبتها وبحث ارباب البيوت عن عمل إضافي يعينهم لسد حاجات اسرهم، على قدر ما يعاني الغالبية منا من الروتين والملل. اوقات فراغ طويلة يتوه بعضنا في فلكها من دون افق لمنفذ. لكن، هل كسر الروتين شيء صعب او إعجازي كما يصوره البعض؟ هل البحث عن شيء يضفي تجددا بات بحكم المستحيل؟
طرحنا السؤال على مها العبودي اخصائية في علم الاجتماع فقالت: الكسل هو ما يولد الإحساس بالروتين، فهناك ساعات طويلة يمكن ان ننجز بها اعمالا عدة واشياء جميلة تجعلنا اكثر اقبالا على الحياة واكثر اعتدادا بالنفس، أشياء يمكن لنا ان نمارسها وتجعل منا صنّاعا فارقين بحياة الآخرين، أنت يا من تشكي من الروتين، اخرج انت وعائلتك، تمتع بصحبتهم، المشكلة ان البعض تستهويه حالة التشكي وناهيك عن متعة الرفقة مع العائلة، فهناك هوايات او لنقل اعمال يمكن ممارستها، مثلا القراءة، او الاستماع الى الموسيقى، الروتين نحن من نخلقه ونحن من نقتله.
اذن يمكن لنا ان نكسر الروتين بأساليب بسيطة وتحت متناول اليد، فالكتب تفترش الأرصفة بشتى عناوينها واسمائها، سواء في شارع المتنبي ام المكتبات، وحتى ان بعض الكافيهات بالمولات اختار اصحابها ان تكون المكتبة ضمن خدماتهم للزبائن. طارق الجبوري عسكري متقاعد يقول: عندما كنت شابا لم اكن اشعر بأي شيء مما اشعر به اليوم من أوقات فراغ عاجز عن ملئها او سدها بما هو مفيد وممتع، الى روتين قاتل، فكنت انا مع أصدقائي بعد المدرسة وفي اثناء دراستي الجامعية نبحث عن أي وسيلة للمتعة والبهجة، كنا نرتاد دور السينما، والمسارح التي كانت تحترم الجمهور بما تقدمه من اعمال جادة ورصينة، اما اليوم فانا احمل هم هذا الجيل، فحياتهم تقريبا فارغة الا من مواقع التواصل الاجتماعي والألعاب الالكترونية البلاي ستيشن وغيرها.
نعم هناك العديد من الشباب يجدون متعتهم في العاب البلاي ستيشن وكرة القدم التي يمارسونها من خلال هذا الجهاز، لكن بالمقابل هناك عدد من الشباب والأولاد بأعمار صغيرة شكلوا فرقا ويقومون بممارسة كرة القدم على احد الملاعب في النوادي والساحات، إضافة الى دور السينما التي أنشئت حسب مواصفات عالمية يمكن ان تكون وجهة من يبحث عن المتعة وكسر الروتين، يقول جعفر الدراجي: انا زرت دور السينما في عمان وحقيقة اجد ان قاعات السينما الموجودة في المولات اليوم اجمل واكثر حداثة، ونحن نتابع بورصة الأفلام بين مدة ومدة أخرى، ونقرأ عن عرض لبعض هذه الأفلام على شاشات السينما، إضافة الى الساحات التي حولت الى ملاعب صغيرة نتفق أحيانا انا وبعض الأصدقاء لنلعب كرة القدم فيها.
اما عبد الخالق مهدي صاحب محل للاكسسوارات فكان متفائلا جدا ومقبلاً على الحياة بطريقة يحسد عليها اذ يقول: اتعجب ممن يتحدث عن الملل وأوقات الفراغ، يا ليتهم يعطونني بضع ساعات من أوقات فراغهم تلك، فمع اني انهض مبكرا من نومي لكني بالفعل اجد ان اليوم قصير جدا مقارنة بما اريد فعله، فانا عند عودتي من العمل اجالس عائلتي ثم اقرأ كتابا، لأني اعتدت ان يكون ذلك ضمن اليوم، بين آونة وآونة أخرى اسافر الى محافظة او بلد اخر مع زوجتي، فنشعر باننا بشهر العسل، هناك متنزهات ودور السينما وحتى المسارح، نعم هناك مسرحيات هابطة لكن بالمقابل هناك عروض جادة تستحق المتابعة. فمن يريد قتل الفراغ سيجد ألف وسيلة لذلك غير التشكي.
من خلال بعض الآراء نجد ان موضوع الروتين والوقت يتعلق بطبيعة الشخص ومزاجه واقباله على الحياة، لان الروتين حالة قابلة للكسر وبأكثر من وسيلة، واليوم هناك نواد وساحات وحدائق عامة يمكن ان تكون وسيلة لاضفاء بعض التغيير على ساعات يومنا، فالتغيير والمتعة يأتيان بأمور بسيطة، لكن تحتاج الى عقل واع وتفكير سلس.
الكسل يصنع الروتين الذي نريد قتله
التعليقات مغلقة