محرمات وهمية !

لا تتسق الديمقراطية في جوهرها ومضامينها مع التمايز ورسم الهالات واضفاء القدسية وخط الخطوط الحمر على الاشخاص والكيانات والمؤسسات وفي الوقت الذي لايتعارض فيه النظام الديمقراطي مع السعي لتنظيم الدولة والحرص على تطبيق التشريعات والقوانين وحماية الامن القومي والوطني للبلاد وصون كرامة الناس والتكفل بشيوع الحريات العامة فان الديمقراطية في الوقت نفسه ترفض محاولات ترسيخ معالم الاستعباد والطبقية والتبعية والولاءات للدول الاخرى او مناصرة الاديان والقوميات والمذاهب على حساب الوطن والشعب ..ان المبدأ العام في تطبيق الديمقراطية يتمحور حول اتاحة الفرص لتبادل الاراء وتشجيع ثقافة الرأي والرأي الاخر والحيلولة دون تكريس مظاهر الخوف في اطلاق هذه الاراء ويبدو ان الشعب العراقي مايزال يرزح تحت مظلة اجواء الاستبداد والديكتاتورية على الرغم من تمتعه بدستور جديد ونظام ديمقراطي تتمثل فيه العملية السياسية بالتعددية وممارسة الحريات العامة بشتى عناوينها فبين الحين والحين الاخر يرتكب زعماء وقادة ممثلون في النظام السياسي مخالفات تصل الى مستوى الانتهاكات في تعاطيهم مع ابناء الشعب العراقي ..
هؤلاء صنعوا لهم منظومة حزبية او طائفية او فئوية انتجت لهم كيانا هرميا وهميا مدعوما من جهات خارجية تطغى فيه الديكتاتورية ويمارس فيه الزعيم والقائد ادوار التفرد والاستئثار ويحيط نفسه بحاشية من الاتباع الذين يصبحون مع مرور الوقت ملكيين اكثر من الملك فتراهم ينشرون الخوف ويتسببون بالفوضى في ذهابهم وايابهم في الشوارع العامة ويتخذون من اسم الزعيم او القائد عنوانا فضفاضا لهم لجني الامتيازات والمكاسب التي لا تختلف في مفهومها العام عن السرقة والاحتيال ويضعون خطوطا حمرا يرفضون من خلالها الاقتراب من القلاع والصوامع التي يقبع فيها زعماؤهم وفي احاديثهم يضفون الهالات المقدسة على اولياء نعمتهم ويرفضون توجيه الاتهامات او النقد او المساس بهم بأي حال من الاحوال وفي بعض الحالات يصدق هؤلاء القادة والزعماء كل مافي هذه الحياة الافتراضية التي نسج خيوطها اتباع متملقون وينسى هؤلاء انهم بممارستهم هذه وبصنعهم هذه السلوكيات يخالفون الدستور وينتهكون روح الديمقراطية التي تنادي بالمساواة وتعارض ترسيخ ثقاقة العبد والسيد التي ماتزال متسيدة في المجتمع العراقي ويكفي اجراء مقارنة بسيطة لطبيعة الحياة التي يحييها زعماء ومسؤولون في دول الغرب مع الحياة الباذخة والأرستقراطية ومظاهر الثراء التي تحييها طبقة سياسية لم تكن تملك قبل توليها مقاليد الامور مايسد جوعها واحتياجاتها الخاصة ..!!
د.علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة