حب افتراضي

وداد ابراهيم:
لم يكن الهاتف شغلي الشاغل، انساه في البيت اوفي العمل، وكنت محط سخرية صديقاتي كوني لا امتلك صفحة على شبكة التواصل الاجتماعي الفيس بوك وبإصرار من صديقتي التي يلتف حولها الكثير من المتابعين كانت صفحتي الموقرة بلا اصدقاء حتى بلغت بعد فترة ثلاثة اصدقاء وهن صديقاتي فقط.
وحين كنت اثير غضب احداهن تعيرني بالثلاثة أصدقاء كثيرا ما عاتبني اصدقاء لي في العمل بأنهم على قائمة طلبات الصداقة وبانتظار الموافقة وكنت اقول لهم: انتم اصدقائي هنا ولماذا في الفيس فيضحك الكل مني، بعد فترة صارت صفحتي مميزة كوني موهوبة في فن الطبخ واعمال المنزل و غيرها، وصار لي متابعون وعرفت ان ما يميز الفيس ان يكون لك متابعون ومع هذا لم اكن امتلك الشجاعة للإجابة على بعض الاسئلة الحارقة والتي تضع لي مجدا امام النساء فألجأ الى عبارة الحظر وينتهى الموضوع، كنت اختار الصداقات من دون ان اعرف ماهي الاعتبارات المطلوبة لقبول الصديق ، الا انني كنت احشر لصفحتي اصدقاء جدد ومن اصدقاء الاصدقاء وهكذا، تعليقات قصص تكتب بلغة جيدة وغير جيدة الا انها تنال الرضا والاعجاب وكل ما اقدمه اجد له تعليقات وأكثر من اعجاب وحين اجد ان هناك رسائل رومانسية تفجر مشاعري وتحيلني الى امرأة تشعر بأنها انثى اتناساها وأعود اقرؤها مرة واخرى وحين تتصاعد وتيرة الرسائل الجأ الى الجرعة المريحة والمنقذة (الحظر) وأقول لا قدرة لي على ان اكون على جذوة من المشاعر، حتى كان ذاك اليوم وكنت اعاني من وعكة صحية في البيت واشعر بالملل وانا اقضي اياماً في الفراش اعاني الحمى، فتناولت هاتفي واذا بطلب لصداقة فكانت اجاباتي سريعة لوابل من الاسئلة نزلت علي والتي تتقد ذكاء ما يجعلني اجيب عليها من دون تردد.
يوم واخر في الصباحات رسائل اكثر حرارة من رسائل سبقتها وبالأمس كنت اشعر بأنه يأخذ بي الى عالم اخر ويرد بعضي الى بعضي كان يشعرني بأنه في المنفى وانا ذاكرته، بنى لي قلاعا وبنايات، وعبد لي شوارع جديرة بأن يرتفع اسمي حولها، كلمات غذت فيّ خلجات الوجدان، حب افتراضي استدرجتني بلاغته في متاهاتها فكنت اجد ان علي ان اكون معه صديقة، بل كنا نمتطي سهر المحبين رغمًا عنا، كلماته تلتف مثل الافاعي، لتطبق علي بلا رأفه، وكأنه يتحرى اصطياد قمري في ليلة حالكة، ليعلن لي برغم فتور الغرام انه عاشق يريد الزواج ليبدد وحدته وانا التي فشلت في اختيار رفيق العمر وفاتها قطار الزواج بعد ان تجاوزت عمر الثلاثين، وكما كان الحب الافتراضي كسرعة الضوء كانت الاحلام تتسارع لنبني لنا بيتاً كبيرا بعد ان ننعم بزواج اسطوري في احد الفنادق العالمية بحب افتراضي، بحيث يبتعد حين اطلب منه ان ارى صورته غير التي يضعها على صفحته اذ وجدتها لا تنتمي لليوم الذي نحن فيه حتى تسارع في الكلمات المشحونة بالقلق والغضب والتردد لتسعفني كامرته التي اخطأت انامله فوقعت عليها رأفة بقلبي ولتسمح لي لأشاهد الحب الافتراضي الذي اوقعني فيه وهو انسان بمواصفات تثير الشفقة اختبأ خلف صورة لصديقه احد كبار الشخصيات في الخليج يتحدث حديثه وتحركاته، صديقه الذي كان محط غيرته،بعد ان فشل ان يكون معه ليعود محطما محبطا معبأة بالعقد النفسية يتصيد في الماء العكر .
…….. هذا ما حدثتني به صديقتي انعام وهي تذرف دموع الألم، لأنها عاشت حالة حب افتراضي.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة