الأمم المتحدة تطالب بوقف القتال في سوريا بعد مئة قتيل في الغوطة الشرقية
الصباح الجديد ـ وكالات:
أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، امس (الثلاثاء)، أن 32 جندياً تركياً قتلوا منذ بدء العملية العسكرية في عفرين، شمال غربي سوريا، وارتفع عدد القتلى جراء القصف والغارات الكثيفة التي نفذتها قوات النظام السوري على الغوطة الشرقية امس الاول الاثنين الى مئة مدني، في حصيلة دموية هي الأعلى خلال يوم واحد منذ ثلاث سنوات في هذه المنطقة المحاصرة قرب دمشق.
وقال إردوغان في خطاب ألقاه بالبرلمان، إن 60 مقاتلاً آخرين من الجيش السوري الحر، قتلوا في العملية ذاتها، التي بدأت قبل أسابيع بمشاركة فصائل سورية معارضة.
وأعلن الرئيس التركي أن قوات بلاده ستحاصر خلال أيام مدينة عفرين، حيث تنفذ أنقرة عملية عسكرية منذ الشهر الماضي ضد المقاتلين الأكراد الذين تعتبرهم إرهابيين.
وأضاف إردوغان في خطابه: «خلال الأيام المقبلة، وبشكل سريع، سنحاصر مركز مدينة عفرين».
وأشار إلى أن العملية العسكرية «تتعرض للتشويه وإلصاق الافتراءات بها، لكن سرعان ما فضحت مؤسساتنا الإعلامية افتراءات وأكاذيب مناصري التنظيمات الإرهابية، وكشفت الحقيقة للعالم».
من جهته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، امس الثلاثاء ، إن قوات النظام السوري لم تدخل بعد منطقة عفرين التي يسيطر عليها المسلحون الأكراد شمال البلاد.
وأضاف أوغلو أنه من غير الواضح ما إذا كانت قوات النظام السوري ستدخل المنطقة التي يهاجمها الجيش التركي منذ شهر أم لا، وفق ما نقلت «رويترز» عن «قناة 24» التلفزيونية التركية.
وكانت وسائل إعلام ذكرت أمس الاول الاثنين، أن قوات موالية للنظام السوري ستدخل عفرين خلال ساعات، لكن بحلول المغرب لم تظهر أي إشارات على انتشار القوات هناك.
لكن الوحدات نفت في اليوم ذاته ، إبرام أي اتفاق مع دمشق لنشر قوات النظام في عفرين، التي تبلغ مساحتها أكثر من 3850 كيلومتراً مربعاً.
وقالت تركيا إنها ستواجه قوات النظام السوري، إذا دخلت منطقة عفرين بشمال غربي البلاد، لمساعدة وحدات حماية الشعب الكردية.
وفي غضون ذلك ارتفع عدد القتلى جراء القصف والغارات الكثيفة التي نفذتها قوات النظام السوري على الغوطة الشرقية امس الاول الاثنين الى مئة مدني، في حصيلة دموية هي الأعلى خلال يوم واحد منذ ثلاث سنوات في هذه المنطقة المحاصرة قرب دمشق.
وشددت الأمم المتحدة امس الاول الاثنين على أن استهداف المدنيين في الغوطة الشرقية «يجب أن يتوقف حالاً» في وقت «يخرج الوضع الانساني عن السيطرة».
وقصفت قوات النظام بالطائرات والمدفعية والصواريخ بكثافة امس الاول الاثنين معظم مدن وبلدات الغوطة الشرقية التي تحاصرها بشكل محكم منذ العام 2013، بعد أيام من استقدامها تعزيزات عسكرية تنذر بهجوم وشيك على معقل الفصائل المعارضة الأخير في ريف دمشق.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس امس الثلاثاء «ارتفعت حصيلة القصف والغارات على مدن وبلدات الغوطة الشرقية الاثنين الى مئة قتيل مدني بينهم نحو عشرين طفلاً، بالاضافة الى إصابة نحو 450 آخرين بجروح».
وبحسب عبد الرحمن، تعد حصيلة القتلى امس الاول الاثنين «الأعلى في منطقة الغوطة الشرقية منذ مطلع العام 2015».
وأمضت عائلات يومها امس الاول الاثنين تحت الغارات والقذائف تبحث عن أفرادها تحت الركام وفي المستشفيات التي اكتظت بجثث القتلى وبالمصابين وبينهم عدد كبير من الأطفال. فيما تفتقر هذه المستشفيات الى الكثير من الادوية والعلاجات والمستلزمات الطبية والتجهيزات.
وأفاد مراسلو فرانس برس امس الثلاثاء عن دوي غارات وقصف طيلة ساعات الليل، فيما لم تفارق الطائرات أجواء المنطقة. وقالوا إن العائلات أمضت ليلتها وسط حالة من الرعب والخوف وتجمعت في الأقبية والطوابق السفلية.
واستهدفت غارة امس الثلاثاء، وفق المرصد، بلدة مسرابا ما أدى الى مقتل ثلاثة مدنيين بينهم طفل وإصابة 20 آخرين بجروح.
وقال طبيب في مستشفى في مدينة عربين عرف عن نفسه باسم أبو اليسر لوكالة فرانس برس «19 شباط كان من أسوأ الايام التي مرت علينا في تاريخ الأزمة الحالية».
وتحدث عن حالة مؤثرة عاينها امس الاول الاثنين «وصلنا طفل يبلغ عاماً واحداً. كانت بشرته شديدة الزرقة وبالكاد قلبه ينبض. وبينما كنت أفتح فمه لأضع له أنبوباً (للتنفس)، وجدته محشواً بالتراب، بعدما تم سحبه من تحت الأنقاض».
ويضيف بتأثر شديد «أخرجت التراب سريعاً من فمه ووضعنا له الأنبوب لكنه لم يقو على التنفس جيداً لان التراب كان قد وصل الى داخل رئتيه. عندها قمنا بسحب التراب من رئتيه وبدأ بعدها بالتنفس تدريجياً».
ويروي أنه «تم اسعاف سيدة حامل في الشهر السابع الى المستشفى، بعد نقلها من مدينة حمورية وهي تعاني من نزف دماغي حاد جراء اصابتها، لكنها توفيت متأثرة باصابتها ولم نتمكن من انقاذ الطفل الذي في بطنها».
وقال مراسلو وكالة فرانس برس في الغوطة الشرقية بعد جولة على عدد من المستشفيات الاثنين إن الأسرّة لم تعد تتسع للجرحى الذين افترشوا الأرض. ونقلوا عن أطباء إن غرف العمليات بقيت ممتلئة طيلة ساعات النهار.
في مستشفى في مدينة حمورية، روى الممرض عبدالله (24 عاماً) لفرانس برس أنه اضطر الى حمل طفل رضيع لوقت طويل بعد تضميد رأسه جراء عدم توفر سرير لوضعه عليه.
ويفاقم التصعيد في القصف المستمر منذ الأحد الماضي من معاناة نحو 400 ألف شخص تحاصرهم قوات النظام بشكل محكم منذ العام 2013.
وحذرت الأمم المتحدة امس الاول الاثنين من أن «الوضع الإنساني للمدنيين في الغوطة الشرقية يخرج عن السيطرة».
وقال منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية في سوريا بانوس مومتزيس في بيان «لا بد من إنهاء هذه المعاناة الإنسانية التي لا معنى لها، الآن»، مشدداً على أن «استهداف المدنيين الأبرياء والبنى التحتية يجب ان يتوقف حالاً».
وترافق التصعيد مع تعزيزات عسكرية لقوات النظام الى محيط الغوطة الشرقية، في خطوة قال المرصد السوري انها تأتي بعد فشل مفاوضات بين دمشق والفصائل لتسوية في المنطقة.
وبحسب المرصد السوري، تصدى جيش الاسلام، أبرز فصائل الغوطة الشرقية، امس الثلاثاء لمحاولة تقدم قامت بها قوات النظام السوري في منطقة المرج الواقعة جنوب دوما.
وشهدت الغوطة الشرقية في الأسبوع الثاني من شباط وطوال خمسة أيام تصعيداً عنيفاً مع استهدافها بعشرات الغارات، ما تسبب بمقتل نحو 250 مدنياً. وردت الفصائل باستهداف دمشق، موقعة أكثر من 20 قتيلا مدنياً.