طارق حرب:
كتاب الف ليلة وليلة وبغداد مدينة الالف ليلة وليلة مدينة علي بابا والفانوس السحري والسندباد وعلاء الدين وقمر الزمان وشمس النهار وبساط الريح وشهرزاد وشهريار وغير ذلك مما ورد في حكايات الف ليلة وليلة واذا كان مؤلف هذه الروائع غير معروف شأنه شأن كثير من المؤلفين للكتب التي تم تأليفها في بغداد ومؤلفها مجهول فان الراجح هو ان هذه القصص كانت ابتكاراً انثوياً لمرأة بغدادية تسكن احد قصور بغداد ومن دون هذه الفرضية لا يمكن ان نفهم ذلك الكم الوفير من القصص التي تتناول الافكار الدقيقة والملاحظات الصغيرة لاماكن الحريم في بغداد في زمن كانت تكون لهذه الاماكن من ذكر اي رجل يترتب عليه اماتته .
كذلك نفسية بعض الشخصيات الاناث الواردة في الحكايات مثل شهرزاد ودنيا زاد والف ليلة وليلة كذلك عمل بغدادي، لو كانت عملاً هندياً او فارسياً كما يدعي البعض لمجده الهنود والفرس كما فعلوا بكليلة ودمنة والمهابارفا والرامايانا وسواها من القصص والاساطير الهندية والفارسية.
فالف ليلة وليلة قصص بغدادية كتبتها امرأة بغدادية ، ولاسيما وانها مجموعة قصص تقولها شهرزاد وهي انثى لزوجها السلطان شهريار وقد ترجمت هذه القصص الى اغلب لغات العالم كالفرنسية والانجليزية والالمانية والروسية والايطالية .
وكتاب الف ليلة والليلة يقترن ببغداد اقتراناً غريباً لدرجة يكاد يكون هوية لها في الفكر العالمي وما ان تسمع بغداد في هذه الحكايات حتى تشم عطر الف ليلة وليلة فلقد صورت هذه الليالي في بغداد واحسن التصوير اذ تتراءى بغداد في هذه الحكايات بقبابها ومساجدها وقصورها وخلفائها وازقتها وحوانيتها وباعتها وتجارها وزهادها وعبادها وما ان تسمع هذه الحكايات حتى تسمع اغاني الموصلي المغني العباسي المشهور ، وما ان تسمع بغداد حتى تشم عطر تاريخ هذه المدينة وما ذكرته هذه الحكايات من معالم بغداد كانت كثيرة فذكرت كرخ بغداد على لسان تاجر عماني انحدر الى بغداد وشواطئ النهر المطلة على قصور الخلفاء على لسان صياد يصطاد بقرب احد القصور وجامع المنصور على لسان متحدث عن يوم الجمعة في بغداد ومساجد بغداد في حكايات كثيرة وتاجر سرقت امواله ولج الى احدى المساجد ببغداد .
وذكرت شوارع بغداد كشارع الحرم ودرب الزعفران وقصت الحكايات كيفية استئجار غرفة في خان الخليفة في بغداد.
وذكرت شواطئ دجلة كميناء ومركز تجاري حيث نقرأ فيها ان أحدهم نزل الى الشاطئ لاستئجار الحمالين وان أحدهم ينتظر على شاطئ دجلة ليرى السفن الاتية الى بغداد وذكرت العسس البحري وعليهم مقدم البحر والاحتفالات في بغداد في مهرجان الصولجان حيث ينزل الخليفة خارج بغداد ويتبارى الفرسان.
وذكرت متنزهات بغداد وخاصة منطقة قرن السراط وهي ما يسمى اليوم بجزيرة ام الخنازير بين المنطقة الخضراء وبين الجادرية في بغداد وذكرت جسر بغداد في حكاية اختفاء اخ الخليفة هارون الرشيد.
وذكرت نهر عيسى الذي يوصل بين دجلة والفرات في بغداد وحكت مصارعة أحد الاقوياء لاحد قطاع الطرق والقائه في هذا النهر.
وذكرت القبة العالية التي كانت تاج بغداد عند الكلام عن سجن أحدهم في هذه القبة وذكرت المارستان (المستشفى) في حكاية المريض.
كما ذكرت ابواب بغداد في حكاية رجل من مصر دخل بغداد في لحظات غلق ابوابها وذكرت حمامات بغداد في نوعيها للرجال والنساء والمدلكين والمدلكات واحواض الاغتسال وقالت ان احسن حمامات بغداد هو ما عذب ماؤه واتسع فضاؤه وطاب هواؤه وذكرت بساتين بغداد الجميلة ومن اشهرها بستان النزهة وذكرت ايضاً الموكب السنوي لأهل الحج من سكان بغداد وخروج الخليفة الى صلاة الجمعة ومواكبه في نهر دجلة ومواكب الخليفة في شوارع بغداد وكيف ان احدهم اعاد الى الخليفة الرشيد جوهرة كان قد اعطاها لاحد ابنائه ورسمت الحكايات استقبال البغدادي للضيوف وتنكر الخليفة ومشيه بين الناس وكيفية ارتدائه جبة صياد وكيف كانت تحصل المناداة بالاوامر والمراسيم وتكلمت عن استقبال القوافل التجارية عندما يخرج التجار من بغداد لاستقبالها خارج الابواب .
وذكرت مجالس المنادمة في بغداد للسمر والحديث والقصص وموكب العسس اي الحرس الليلي وموكب الخراج القادم الى بغداد وما تحمله من صناديق وفرش واقمشة.
وذكرت حكايات اسواق بغداد كسوق التجار وسوق الحرير وسوق الصيارفة والجوهرية وتجار بغداد وكيف ان احدهم كان والده من اكبر تجار بغداد لكنه كان مولعا بشرب الخمر وسماع العود وتذكر الحكايات الاطعمة والمشروبات والفواكه والحلويات والبخور والتوابل والدراهم الفضية وقصور الخلافة كقصر بغداد وقصر الفرجة وملامحها واوصافها ومحتوياتها وبساتينها كذلك ذكرت الاثاث والملابس والحلي والآلات الموسيقية وآلات اللعب وذكرت الكثير الكثير عن بغداد مما يؤكد ان الف ليلة والليلة من القصص البغدادية وان كاتبها بغدادي واحتمال كونه امرأة احتمال كبير .