تحول التحرش الجنسي إلى كابوس يؤرق الكثير من النساء حول العالم، يطاردهن في الشوارع والطرقات، ويصل بهن أحياناً إلى منازلهن، ما يجعلهن في حالة من الخوف والقلق والرعب الشديد الذي يدفع ببعضهن إلى ردات فعل غير محسوبة بما في ذلك الانتحار.
ودون إفاضة في التعريف، التحرش الجنسي سلوك مبتذل ينتهك كرامة المرأة، وهو لا يقتصر على الاعتداء اللفظي أو الجسدي، فوفقاً للقوانين المعمول بها في الغرب يشمل حتى التعليقات والنكات الجنسية، وعرض الصور أو الرسوم ذات الطابع الجنسي، وإرسال الرسائل الإلكترونية التي تتضمن محتوى جنسياً.
وفيما تحكم بعض الولايات الأمريكية على المُتحرش جنسياً بعقوبة تصل إلى السجن مدى الحياة، وغرامة قدرها ربع مليون دولار، تصل العقوبة في جمهورية التشيك إلى حرمان المتحرش من ذكورته مدى الحياة، بإجراء اخصاء جراحي أو كيميائي، وهذا ما جعل دولاً أخرى مثل كوريا الجنوبية وروسيا وأندونسيا تأخذ بهذه العقوبة أيضاً.
ورغم اتساع الظاهرة في جميع الدول العربية، لم تُشرع حتى الآن القوانين الرادعة لصدها، باستثناء تونس التي جرمت منذ 2004 التحرش الجنسي من خلال تعريفه بصيغة قانونية واضحة، في حين تعاقب بعض الدول كمصر والأردن أفعال التحرش تحت باب “الفعل المنافي للحياء”، وتصل العقوبة إلى السجن مدة 6 أشهر، وفي الحالات القصوى إلى خمس سنوات، أو غرامة مالية تحدد حسب نوع التحرش.
لا توجد احصاءات تكشف عن حجم حالات التحرش الجنسي في مجتمعاتنا العربية إلا أن دراسة أعدتها الأمم المتحدة عام 2013 خلصت إلى أنّ تسعاً من كل عشر نسوة مصريات تعرضن لشكل من أشكال الاعتداءات الجنسية، من التحرش البسيط إلى الاغتصاب، كما أشارت دراسات حقوقية جزائرية نشرتها وسائل إعلام محلية في 2014، إلى أن 80 في المئة من النساء الجزائريات، تعرضن إلى أشكال مختلفة من التحرش الجنسي.
مشكلة التحرش الجنسي تتضخم وتستفحل بشدة في أوطاننا العربية، والعراق ليس إستثناء، لكن للأسف لا تقوم النساء باستخدام حقهن القانوني ليس خشية الفضيحة حسب بل خوفاً من انتقام أصحاب السلطة والنفوذ الذين ترتبط بهم النسبة الكبرى من ممارسات هذا السلوك المشين، حيث يضطررن إلى التكتم والصمت أو ترك وظائفهن.
القوانين وحدها لا تكفي..
على المرأة العربية امتلاك جرأة المواجهة، وعلى الصحافة ومنظمات المجتمع المدني وغيرها من منصات الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي أن تشعرها بالدعم والمساندة.
فريال حسين
هذا الكابوس
التعليقات مغلقة