أحلام يوسف:
نَقِّلْ فُؤادَكَ حَيثُ شِئتَ مِن الهَوى.. ما الحُبُّ إلاّ للحَبيبِ الأوَّلِ..
كَمْ مَنزِلٍ في الأرضِ يألفُهُ الفَتى.. وحَنينُهُ أبداً لأوَّلِ مَنزِلِ.
هذان البيتان ربما مرا على لسان كل الشباب ومن كلا الجنسين، الحب الأول، ما بين حقيقته وزيفه موضوع دائم وقد يكون ازليا، والسؤال ما زال يبحث عن إجابة.
ما الذي يضير لو استثمرنا موقعا للتواصل الاجتماعي لنبحث عن إجابة؟..هذا ما فعلت، فهل حصلت على إجابة؟
الطبيبة النفسية دنيا علي تقول ان الحب الأول مجرد وهم، فلا يوجد شيء اسمه حب اول وثاني وثالث، لان كل واحد منا تختلف تجربته العاطفية عن غيره: هناك من نشأ جينيا بعواطف رقيقة، ويتأثر بمن حوله اكثر من غيره، لذلك فعندما يقع بحب امرأة لأول مرة، يشعر ان تلك هي بداية الحياة وبنهاية العلاقة ستكون نهاية الكون بالنسبة اليه، وصعوبة تلك الحالة هي ما يعلق بذهنه، لأنه في حال مر بتجربة أخرى مشابهة سيكون قد اعتاد على الحالة او استوعب مدياتها ومتاعبها، فلن يتأثر بالطريقة نفسها، أي ان الموضوع يتعلق بحالته النفسية وعواطفه وليس بحالة الحب نفسها.
من فلسطين ناصر عباس يقول: ان ما يميز الحب الأول هو لهفته والشوق والحنين، لان كل ما يشعر به الفرد بعده سيكون قد مر عليه مسبقا، فلن تكون له النكهة نفسها ولا التأثير نفسه.
ولا تعترف لوله الدهلكي بتصنيف الحب على سلم، او درجات، فالحب الأقوى يستمر ويجرف كل المشاعر المسبقة وتقول: الحب الأقوى هو الابقى لاني قد امر بتجربة حب واتصور انه حبي الأوحد والاكبر لكن بمرور الزمن والنضج الفكري ستتغير مفاهيمي عن الحب، والعلاقات الإنسانية، وبالتالي فيمكن ان احب اخر لكن بطريقة مختلفة.
واستشهدت ام حمودي بأبيات شعر للشاعر الفلسطيني محمود درويش يقول فيها
” اما بعد فأنا لم أحب احد بعدك ..أما قبل فأنا أساسا لم اعرف الحب الا بك.
اما “مسيو سيكار” كما يحب ان يلقب نفسه فقال: لا توجد أرقام في الحب، ولا تسلسلات، وإن وِجدت! فيجب البحث عن توصيف آخر غير الحب، أنا أُؤمن إن القلب والعقل يعشق مرةً واحدة، لأن هذين التوءمين لا يمكن أن يُغيرا حساباتِهما، فالأمر لا علاقة له بالمِزاج، أنه الهوى إن جاء أرتعش القلب واهتزت جَنبات الروح، و أنشَغل العقل، واستشهد هنا بأبيات شعر لعبد العزيز جويدة يقول فيها: “أنا كلُّ إحساسٍ جميلٍ مَسَّني…… ما كانَ إلا بعضَ بعضِ هواها..
أنا لا أظُنُّ بأنها ماءٌ وطينٌ مثلُنا……. هي قبضةٌ مِن نورِهِ سوَّاها ”
الحب الأول له طعم خاص ليس له مثيل، ويأخذ الانسان معه الى الممات، هذا ما ذكره ماهر ادريس مضيفا: قد يكون الحب عنيفا ويصيب العاشق بالجنون كما حدث مع مجنون ليلى الذي يقول: اليك عني فان حبك شغلني عنك.
وتؤيد نورس ربيع الرأي الذي يقف بالضد من وضع الأرقام على حالة الحب اذ قالت: لا يوجد شيء اسمه حب اول وثاني وثالث، الحب هو الحب وكفى.. لأجله أحب الحياة، ولأجله امنح قلبي لآخر بكل رضا.
ويسألوني عن الحب الاول .. وأقول لهم ..ما زلت أتلمظ مذاق النظرة الاولى والبسمة الأولى، والاعتراف الأول، هناك..توقف الزمن .. وبقيت تلميذا الى الابد هذا ما باح به عابر السبيل كما اسمى نفسه والذي قال: تعتريني باستمرار ذكرى الاعترافات الاولى الرقيقة، واعتقد انها ثروة القلوب الحقيقية.
كل حب هو الأخير.. هذا ما صرحت به اليسار مسوّح من فلسطين قائلة: كل حب هو الأخير.. الحب الأول كان حبا وانتهى وافل نجمه، فكل حب يمكن ان ينتهي او يستمر على أسس كثيرة، فالحب مثل الطفل يحتاج الى عناية كبيرة لا يفهمها أي كان، لذلك فهو يمكن أيضا ان يمرض او يموت.
ومن بلد الأرز لبنان تقول ميري الامين: هناك شيء اسمه الحب وشيء اخر اسمه وهم الحب، وهم الحب هو ما يمكن ان يتكرر مرات عدة بحياة الانسان، اما الحب الحقيقي فيأتي مرة واحدة ولن يتكرر ابدا، لذلك فكلنا ندعو دائما ان نعرف كيفية الحفاظ عليه عندما يزورنا.
وختامها مع كلمات رقيقة من كريم الخليفة الذي قال: كل تلك القلوب الرقيقة مرت بها فصول الحب، فمنها ما اورق وازهر، ومنها ما مرت عليه عواصف وانكسر، فالحب هو الحب، لكن الحب الأول، اول بصمة طبعت، واول نسمة مرت على القلب، لم يألفها من قبل، والحب في الصغر كالنقش على الحجر.
الحب لا سلم له أو درجات
التعليقات مغلقة